/>head> tags ظهور الحمير في الشوارع.
U3F1ZWV6ZTM4NzI4NTMzMTQzODI4X0ZyZWUyNDQzMzMwNzU5Njc1MA==

ظهور الحمير في الشوارع.

ظهور الحمير
ظهور الحمير في الشوارع

في هذا الزمن الذي ليس في المتناول، تتعاظم صيحات الإنذار والتنبيه والتنديد كلما استضافت لائحة الوفيات، أو قائمة المعطوبين، الجديد والمزيد من ضحايا مستعملي الطريق، التي أصبحت في كل مرة تلقي بالأرواح والأجساد على الطرقات في المدن كما في الضواحي، نتيجة سرعة مفرطة أو سهو فاضح، أو سكر طافح، أو منعطف قاتل أو قلة عناية بالفرامل.

لقد أصبح الركل على دواسة السرعة بمثابة مفتاح أسود، عليه صورة لجمجمة آدمية وعظمتين معقوفتين، هذا المفتاح – يفتح الله عليكم- يفتح على الدوام و بدون استئذان، أبواب سيارات الإسعاف وأبواب المستعجلات، ومنها مباشرة إلى الكراسي المتحركة، أو إلى الأسرّة المتحركة لنقل أموات المسلمين، فتصبح النتيجة عبارة عن اقتطاع تعسفي من مجموع الرأي العام المغربي والعربي.

وللحد من حدة هذه الظاهرة، اتخذ المغرب كغيره من الدول العربية عدة إجراءات احتياطية وزجرية على شكل قوانين، وذلك بغية التخفيف من الارتفاع المهول لأرقام الضحايا، فارتفعت قيمة العقوبات المالية و الحبسية، ونصبت الرادارات الآلية والبشرية في الطرق والمنعرجات داخل المدن وخارجها، وأدخلت أقراص لتسجيل السرعة في حلق الشاحنات للتخفيف من حلف السائقين باليمين أمام رجال الدرك، ووقفت مختلف إشارات المرور كنبات عبّاد الشمس في وجوه السائقين الذين تكاد تلتقي عيونهم في اتجاه واحد من قلة النوم.

أما الوسيلة الجديدة التي يعوّلون عليها لإرغام السائقين على تخفيض السرعة داخل المدن، فتتجلى ظاهرة في تلك الهضاب الإسمنتية (مخففات السرعة) التي شيدوها فوق خط عرض بعض الطرق، وفي نفس الاتجاهات المرسومة في الأرض لتحديد ممرات الراجلين، ولقد اصطلح على تسميتها في المغرب بظهور الحمير كترجمة حرفية عن اللغة الفرنسية.

إنها عبارة عن سدود تلّية إسمنتية عالية، غالبا ما تفاجئنا جميعا دون سابق إعلان، شيدوها كحواجز تقطع بعض الطرق التي أصبحت بفضلها مفخخة. فمن بيننا من يعرف مواقعها فيضطر إلى تخفيض السرعة إلى خمسة كيلومتر فما تحت، وذلك خوفا من تحطم سيارته عند القفز، أو لكي لا يلتصق رأسه ومن معه بسقف السيارة. وكم من مسافر أو سائق لا يبالي فيتفاجئ بهذه الموانع، ويضطر للقفز بسيارته عليها كما تقفز الخيول على الحواجز، أو يكبح جماح السرعة بالفرملة الفورية، فتتكسر المصابيح الخلفية لسيارته، نتيجة اصطدام خلفي من طرف سيارة تفاجئ صاحبها ولم يكن يحترم المسافة القانونية الفاصلة.

انتشرت هذه المتاريس الإسمنتية السيئة الذكر في كل مكان، فأصبحنا في كل مرة نقترب فيها من هذه الحواجز نكاد نسمع الخيول التي نؤدي ضريبتها سنويا، ينبعث صهيلها من محرك السيارة تحفزا للقفز الذي تقوم به في اليوم عدة مرات، وأصبح كذلك المقود الذي بين أيدينا عبارة عن لجام، والعجلات المطاطية أصبحت مثل سنابك وحوافر الخيل. والغريب في الأمر و المضارع والماضي، أن غالبية السائقين ينتقلون من خفف السير إلى سرعة أكبر مباشرة بعدما يجتازون أو يقفزون على ظهور الحمير، وبالتالي لا يتحقق الهدف الذي من أجله تم وضع تلك الحواجز.

والغريب أيضا أن يتم وضع هذه المتاريس على شكل سلسلة متوازنة من الحواجز وفي الاتجاهين، لا تفصل بينها إلا أمتار قليلة، مما يرغم السيارات وحافلات النقل على أداء التحية المتكررة أمام هذه النتوءات الإسمنتية، بالوقوف الإجباري و السير بأدب بعضها وراء البعض في صفوف قد تطول أو تقصر حسب الزمان والمكان، في انتظار أن تقفز كالأطفال على أكثر من حاجز، فأصبحنا والحالة هذه أمام مواكب غير رسمية، تؤخر وصول المستعجلين، وتقلق راحة الباقين.

إننا لا نشك في حسن نية المكلفين بالتشوير الطرقي ببلادنا، لكن الكل يعلم بأنه تتواجد في جميع قوانين السير في العالم عقوبات سالبة للمال تمتد للجيوب أو إلى الحسابات البنكية، عن طريق أداء غرامات مالية، أو عقوبات أخرى سالبة للحرية عندما تصدر في حق السائق مثلا أحكام حبسية أو تحرمه من حق امتلاك رخصة للسياقة، بالسحب النهائي أو المؤقت، بعد أن يتم رصد المخالفات بكاميرات الشوارع، لكن حسب علمنا، لم نسمع عن وجود عقوبات زجرية و تدميرية تنزل على هياكل السيارات وترغمها على القفز الثلاثي والرباعي على حواجز إسمنتية، مما يعرّضها للإصابة بأعطاب تحتية تترك خدوشا و بصمات تحت صدور السيارات، لتفتح العديد من الأسر المغربية سجل النفقات غير المتوقعة.

مسكينة الحمير التي شبّهوا الحواجز الإسمنتية بظهورها، ربما لأن الأمر ينطبق عليها في الدول الأوروبية، أما الحواجز المغربية وفي وسط طرقاتنا العربية فترتفع إلى ما هو أعلى من ظهور الحمير والبغال، وأدنى من ظهور الإبل والجمال، فكما نطلب الرفق بالحيوانات عند جميع الاستخدامات نتمنى الرفق بالسيارات على جميع الطرقات.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة