قاموس البرلمان المغـربي
تحمل مفردات القاموس البرلماني بالمغرب عدة مصطلحات لها دلالات ومفاهيم
كثيرة، تعدّدت عدد ما في مجلس النواب ومجلس المستشارين من نواب. مفردات تم
اقتطاعها قبل نضجها من حقول عديدة مع استعمال الخشونة المفرطة. فالبرلمان لفظ غربي
يحتمل عدة معاني حسب كل قارئ مغربي. فكلّنا يعطيه تعريفا بكونه هيئة
تشريعيّة عُلْيا في الأنظمة الديمقراطية، قد يتكون من غرفتين، فيتبادر إلى الذهن
أنه ليس بسكن اقتصادي، ولا شيء يربطه بالغرفة في الفندق. يتناوب على كراسيه
الفاخرة عدد مِن النوّاب المُمَثلين للشَّعب، وهم في الحقيقة ممثلين بارعين في
إعطاء الوعود والحلف باليمين أمام الناخبين. ويُعْرف كذلك باسم مجلس النّواب،
ومجلس الأمّة، ومجلس الشّعب، والمجلس الوطنيّ والجمعية العمومية أو الجمعية
الوطنية، والكونغرس والدوما أو مجلس الشورى وهلمّ جرا.
إن من بين المغاربة من يعطيه معنى آخر وهو (بارِ لمان)، وبار
بالفرنسية تعني حانة الأمان، لأنه يرى مشاهد لنواب الأمة أحيانا وهم يصرخون، يتشاجرون
أو ينزعون ثيابهم كالسكارى، وأحيانا أخرى نائمون أو عن المصلحة العامة غافلون. ومنّا
من يعطيه معنى (برّ لامان) بمعنى شاطئ الاسترخاء
والاستجمام والأمان بعد عناء الحملات الانتخابية، وهو كذلك شاطئ الأمان والحماية القانونية
بعد نيل الحصانة البرلمانية التي تحميهم من المتابعات القضائية. ومنّا أيضا من يُعطي للبرلمان معنى باللغة الفرنسية، فيقسّم الكلمة إلى
شقين، الشّق الأول هو (Parle) والثاني هو ( ment
)، فيصبح المعنى كالتالي أي يتكلّم ويكذب، وأنتم في عالمنا العربي أعلم بصدقية هذا
المعنى.
لقد تعوّدنا جميعا على سماع أنّ قبّة
البرلمان شهدت مناقشات قويّة، وأسئلة شفوية وآنية كثيرة حول موضوع من مواضيع
الساعة أو الدقيقة. في حين أننا في المغرب، يرتبط لدينا لفظ القُبّة ارتباطا أصيلا
ومنذ القدم، بأضرحة أولياء الله الصالحين، الذين يرقدون في قبور تحت قبة خضراء، يتمسّك
بكسوتها أناس لحس الزمان عقولهم، يتوسلون للولي الصالح ويقدمون القربات ويقبّلون
العتبات، بينما آخرون يجمعون ما تيسّر من الدراهم والشموع والعطايا والبيض والدجاج
البلدي، ولعل الرابط بين القبّتين هو رغبات وانتظارات المواطنين في أن يصلح الولي
أحوالهم، وأن يصلح النواب أوطانهم.
كما أن كلمة برلمان تعني غرفتين، مجلس النواب ومجلس المستشارين، لكن للغرفة في
ثقافتنا الشعبية معاني كثيرة، فهي أولا ضيقة المساحة في بيوتنا العتيقة، وقد تضيق
أكثر فنطلق عليها لفظ ( الغريفة) كتصغير، وهي غالبا ما تكون معدّة لتخزين المؤونة من
المواد الغذائية، تماما كما تخزّن المقترحات القانونية الجادّة في رفوف اللجان
البرلمانية. والغرفة أيضا في العرف المغربي، قد تكون مخصّصة لإيواء العزّاب دون
غيرهم، وذلك كنوع من الاستقلال الذاتي، ولعلّ القاسم المشترك الذي يجمعها بغرفتي
البرلمان ليس إلا النّوم و السبات الشتوي.
أما في جلسات مجلسي البرلمان، فيفتح
باب المناقشة بدون مفتاح، أي بعد أن يتم تكسيره من الخارج، ليبدأ البرلمانيون المحترمون
في تناول الكلمة قبل وقت الغذاء، ثم يشربون بعدها نقطة نظام، ولقد أصرّ أحد النواب
مرّة على ضرورة أن يقف النواب عند نقطة معينة في جدول الأعمال، ومع ذلك بقي النواب
جالسون.أما في جلسة الأسئلة الشفوية فيطرح السؤال مباشرة، والكلّ يعلم أننا في
العامية المغربية، نستعمل كلمة "يطرح" عندما يقوم العامل في الفرّان
التقليدي أي (الطرّاح) بطرح الخبز في الفرّان، وشتّان ما بين جملة ( طرح العامل الخبزة
في الفرّان ) وجملة ( طرح النائب السؤال في
البرلمان) لأن الفاعل الأول يتقاضى 1000 درهم في الشهر، في حين أن الذي يطرح السؤال في
البرلمان يتقاضى 3 ملايين شهريا مع باقي الامتيازات المادية والمعنوية.
وهناك في اللغة المتداولة بالبرلمان ما يسمّى بلجان تقصّي الحقائق وهي في الحقيقة،
لجان ( تقصّي الحقائق) بالمعنى الدارج، أي تأكل الحقائق حتى لا ترى النور أبدا،
لأن الجهاز التشريعي يتوفر كذلك على الجهاز الهضمي الذي قد يصاب بعسر الهضم والقبض
فلا تخرج الحقائق والقوانين إلا بشقّ الأنفس، أو بأعداد قليلة بعد كثرة الدوران في
دورات مرتبطة بفصول السنة، منها الدورات الربيعية والخريفية، والمازوزية والبورية
والسقوية. وفي الجلسات الأسئلة الكتابية الموجهة
للوزراء، يحضر الوزراء لقراءة ما كتبه الموظفون في وزاراتهم ولا يخرجون على النص
أبدا. والغريب أن بعض النواب بدورهم يعلّقون على جواب الوزير بقراءة تعقيب مكتوب لديهم
من قبل، أي أن نائبنا في البرلمان يحضر جلسة الأسئلة الشفوية وهو حامل للسؤال
وللتعقيب على جواب الوزير قبل أن يسمعه.
إن هذه الجلسات الأسبوعية وجلسة المسائلة الشهرية، أصبحت عند عامة
المواطنين عادة شهرية أو كموعد أسبوعي، يستوجب الستر عوض التغطية الإعلامية
المباشرة في التلفزة المغربية. إنّها تحظى بمتابعة جماهيرية قوية، ليس للإطلاع على
كيفية مراقبة السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية، بل لِما فيها من تشويق وإثارة وكوميديا
ساخرة، وملاسنات متبادلة أمام كراسي شبه فارغة، لدرجة أن من بيننا من اقترح برمجة
هذه الجلسة في سهرات ليلة السبت، عوض أن يتابعها المواطنون على الفيسبوك، كلقطات مضحكة
من طرائف البرلمان.
ولتحقيق دولة الحق والقانون، لا بد من ترسيخ الخيار الديمقراطي، وتنزيل السفرجل
الإسلامي، واعتناق قيم البادنجال الحقوقي للقيام بالدور الذي يلعبه القوق القاعدي في
إشراك الخص اليساري، للقطع مع مرحلة الموز الليبرالي، وذلك قصد الاستجابة لملايين الفول
الراديكالي كآلية لضمان حقوق الفجل البروليتاري في ظل تحولات وألوان الرْبيع
العربي.
إرسال تعليق