حكايتنا مع الضَّرب
حكايتنا مع كلمة الضَّرب حكاية بالعربية وبالدارجة، بدأت معنا في المدرسة حينما أرغمونا على حفظ جدول الضرب، وطلبوا منا أن نضرب مثلا ولو أن المثل لا يستحق الضرب، فقلنا لهم: "ضربت عصفورين بحجر واحد"، حسن جدا، وقال آخر: " إنهم يضربون النقود في دار السكة " ممتاز. أما حينما يتغيب أحدنا عن الحضور نقول لبعضنا البعض بأنه "ضاربها بسلتة "، وطبعا كثرة الغياب ستؤثر على النتيجة، فيغيب المعدّل ويحضر التوبيخ، وبعد النتيجة المنتظرة، سيدخل صاحبنا إلى المنزل في وقت متأخر، ومع ذلك سيجدهم في استقباله ب: " ضاربها بسكتة على النتيجة"، لأنهم يعرفون أنّك "ضاربها بسقطة هاد العام"، وينتقلون إلى المقارنة التي لا تستحملها ويقولون: " ماشي بحال صاحبو ألي ضارب يدو في النقط".
أما عندما كبرنا وبدأت لحيتنا تفضحنا وتحيلنا على الزواج، وبعد ما افتضح أمرنا، أمرونا بأن نضع حدا لمغامراتنا، وذلك بالدخول لبيت الطّاعة، عن طريق "ضريب الصداق" أو " نضربو لكحل في لبيض ". وحينما ضربناهما حتى سالت دمائهما، قال لنا السفهاء من أصدقائنا: " ضربتي يدّك يا العفريت"، ولم يكتفوا بذلك، وزادونا بسطة في القول وقالوا: " الدريّة ضاربة للعين".
وعندما تجاوزنا مدة صلاحية الخصوبة، كثر الحديث همسا عن ضرورة إقامة عرس، وما عليك إلا أن " تضرب يديك لجيبك ". وفي حالة ما إذا كنت على قدِّ الحال، ستطلب المساعدة بالتقسيط المريح من بعض الأصدقاء وستأتيك الأجوبة لا محالة مثل: " والوا، ضْرب خوك يدور " منين ما ضْربتي لقْرع يْسيل دمّو "، إذاك ستعيش في الأزمة، ويهجرك النوم يا ولدي وستبقى ساهرا وهم يقولون: " مسكين ضربو حْمار الليل". وستصلك تعليقات المتطرفين في التشائم حول المخطوبة التي لا تستطيع مساعدتك أو تحمّل قسط من مصاريف العرس، لأنها: " يا الله كتضرب الورقة ديال البسطيلة " والعائلة بسيطة الدخل، فأخوها الأكبر" يضرب البرشمان عند الخياط " والأصغر "يضرب الطّر فالجوق"، وأمّها خدامة " كتضرب الجفاف والمصلوح " وأبوها متقاعد "و كيضرب ليبرة للمرضى في الديور"، وزوج أختها "بنّاي كيضرب المرطوب". والملفت للنظر أنهم لم يوقّروا حتى جدًتها فقالوا في حق العجوز: "هي شوّافة وكتضرب الكّف" وكفى.
أمّا أنا، فلم يبق لي إلاّ أن أضرب لكم موعدا مع مقال آخر.
إرسال تعليق