/>head> tags عندما تنام الكتب على الرفوف ترقص الفأرة فوق الحاسوب.
U3F1ZWV6ZTM4NzI4NTMzMTQzODI4X0ZyZWUyNDQzMzMwNzU5Njc1MA==

عندما تنام الكتب على الرفوف ترقص الفأرة فوق الحاسوب.


الحاسوب

عندما تنام الكتب على الرفوف ترقص الفأرة فوق الحاسوب

كلنا على علم بمعاناة الآباء والأمهات مع عقوبة مساعدة الأبناء على إنجاز التمارين المنزلية بصيغة الجمع متعدد  المواد العلمية والأدبية. مواد لا تجمعها وحدة الموضوع كما يقول نوابنا في البرلمان. لكن الجديد في الممارسات البيتية لتلاميذ اليوم، هو تكليفهم من طرف المعلّمين والمعلمات بالقيام بأبحاث حول موضوعات معينة، فتصدر إذّاك عن التلاميذ طلبات النجدة، ونداءات الإستغاتة سواء بكبار التلاميذ من الإخوة، أو بالجيران وبالأصدقاء أحيانا أخرى.

إن الموقف يصبح حرجا جدا عندما لا يجد بعضنا سبيلا لنجدة أبنائهم، نظرا لعدم وجود إخوة كبار أو جيران متعاونين، أو لتقادم الذاكرة عند الأبوين، أو لتباعد التخصصات و قلة العناية بالمعلومات، فيصبح الجميع في وضعية إحراج يتبعه الخجل الذي يليه الإنفعال لدينا ولدى أكبادنا التي تمشي على الأرض. ولأن الجميع اليوم لا وقت لديه للتوجه نحو رفوف المكتبات العمومية والمنزلية، للإنكباب على جمع المعلومات من دفتي ثمرات المطابع، بل أصبحت الموضة هي تعوّد الصغار على اللّجوء الإضطراري لوسائل البحث الالكترونية، لعلّهم يظفرون بأجوبة تشفي غليلهم، وتجنّبهم تلك المواقف التي لا يتمنّى أن يقع فيها أي تلميذ أو تلميذة، ساعة تقديم فروض الطاعة أمام نظرات الأستاذ، وأمام عيون باقي التلاميذ الذين يقومون ليلا بعملية رمي الشبكة العنكبوتية في أعماق محيطات العالم الإفتراضي، وإشعال محركات البحث من أمثال (سيدي غوغل) أو (الحاج ياهو )، وذلك  لتلبية الطلب الفوري على الأجوبة الجاهزة بالصورة والنص. فيكفي فقط تحريك الفأرة المعلومة ذهابا وإيابا ما بين (كوبي) و(كولي) بمعنى أنقل وألصق ثم أنقر على سجّل، وطبعا إعط الأمر الفوري للطبع.

في كثير من الأحيان يكون الصيد وفيرا والخير عميما، تقوم تلك الأنامل الصغيرة بجمع حصيلة من الشبكة، تضم معلومات متفرقة ومتنوعة، تتلقفها بسرعة ولهفة، لتنقلها أحيانا بالنسخ أمام دهشة السطور، ولا حتى احترام خطوط الهوامش، فتنفرج أسارير وجوه أبنائنا التلاميذ لسرعة الإستجابة ولنهاية البحث، وستغمرهم فرحة طفولية كبيرة، ستجدونها نائمة أيضا بجانبهم.

أما في الصباح الباكر، وقبل الذهاب إلى المدرسة، فستقف الفرحة المسائية بين كؤوس الحليب أمام الأطفال فوق مائدة الفطور، لأن الحديث سيدور عن الفوز المؤكد بنقطة مستحقّة من عائلة العشرات، وذلك جزاء لما قامت به الفأرة داخل الحاسوب. سيخرجون منتشين يسارعون الزمن للدخول لساحة المدرسة، منتظرين الحصة الصباحية وهم لا يزالون يعيشون على الرصيد الذي جمعوه أمس.

 لكن في داخل القسم، ستستيقظ أوهام التلاميذ مفزوعة، وسترتفع فوق رؤوسهم الصغيرة، علامات التعجب بحجم أصابع الطباشير، وسيمتلكهم شعور بالدهشة الممزوجة بعدم الارتياح، عندما يعلمون أن الجميع بما فيهم أصحاب المقاعد الخلفية، قدّموا نفس الأجوبة التي أملاها عليهم الأنترنيت، فأصبحت أوراقهم غير المربّعة عبارة عن نسخ كربونية مصورة مطابقة للأصل، لا ينقصها إلا (التّنبر) أو خاتم الإدارة المختصة في التصديق على المطابقة للأصل، مما يجعل المعلّمين والمعلمات في حرج كبير، وعلى ألسنتهم سؤال وحيد حول من يستحقّ أعلى نقطة؟ هل الفأرة أم التلميذ(ة).

لقد تغلغل هذا السلوك وترعرع في أبناء الجيل الرقمي، الذين اختاروا الطريق المختصر، حتى أصبح البحث أو النقل بهذه الطريقة، جزءا من الطقوس الدراسية العادية لجيل الساندويتش والسمّاعات التي تغطّي الأذنين.
ملحوظة: عندما تنام الكتب على الرفوف، ترقص الفأرة فوق الحاسوب.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة