التجربة المغربية في مجال محاربة الأمية (الجزء 4)
سأتطرق في الجزء (4) إلى تجارب كل من:
- تجربة مديرية محاربة الأمية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية والتضامن والتشغيل والتكوين المهني.
- تجربة كتابة الدولة لدى وزير التربية الوطنية والشباب المكلفة بمحاربة الأمية وبالتربية غير النظامية.
1) تجربة مديرية محاربة الأمية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية والتضامن والتشغيل والتكوين المهني من 1998 إلى 2002.
لأول مرة في المغرب، تم إحداث مديرية محاربة الأمية ابتداء من سنة 1998، كما تم اعتماد تنظيم بيداغوجي جديد لبرامج محو الأمية يهدف إلى:
. تقليص المدة الزمنية للدراسة من سنتين أي مرحلة الأساس والتكميل، إلى سنة دراسية بغلاف زمني يناهز 200 ساعة.
. خلق الظروف المواتية لتسهيل واكتساب المعارف والخبرات.
. تمركز الفعل البيداغوجي حول المتعلم باعتباره يمتلك خبرات وتجارب حياتية سابقة تؤهله للتطور والتقدم.
. اعتبار محو الأمية أداة لمحاربة الفقر والهشاشة ، ووسيلة لرد الاعتبار للفرد وإدماجه في صيرورة التنمية.
. دعم جميع المهارات والكفايات في إطار وظيفي.
. إعادة النظر في المنظومة البيداغوجية، بحيث تم إعداد كتب دراسية جديدة موجهة لقطاع الفلاحة وأخرى للصيد البحري، وكتب أخرى للمؤسسات السجنية ولقطاعات غيرها.
. تنويع برامج محو الأمية وتوفير المواد الوظيفية المناسبة للبرامج التالية:
أولا: البرنامج العام الموجه لكافة المواطنين الذين ليست لديهم وضعية اجتماعية مهنية، وذلك بتعاون مع وزارة التربية الوطنية.
ثانيا: برامج قطاعية تشمل المستفيدين من خدمات وزارة الشبيبة والرياضة، وزارة الفلاحة، وزارة الصيد البحري، وزارة العدل، التعاون الوطني والقوات المسلحة الملكية.
ثالثا: برامج خاصة بعمال المؤسسات الصناعية في قطاع النسيج والألبسة والصناعات الغذائية وغيرها، بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) أو entreprises du Maroc Confédération générale des والجمعية المغربية لصناعات النسيج و الألبسة : (AMITH) أي L’Association Marocaine des Industries du Textile et de l’Habillement ، ويتم ذلك عن طريق اتفاقيات خاصة بالتكوين تلتزم فيها الدولة بتمويل %80 من تكلفة برنامج محو الأمية في المعامل في حدود 2000 درهما لكل مستفيد ومستفيدة.
رابعا: برامج لفائدة الجمعيات التطوعية عن طريق عقد الشراكات والدعم المالي.
وهكذا، تم تسجيل مجهود خاص ابتداء من سنة 1998- 1999، حيث بلغ عدد المستفيدين من برامج محو الأمية وتعليم الكبار 181.000 شخصا ( %62 منهم نساء) على الصعيد الوطني، وأكثر من 150.000 بالوسط الحضري.
أما في مجال تكوين وإعادة تأهيل أطر المديرية لتطوير الأداء، وبناء القدرات، ومواكبة التطورات المتلاحقة في هذا المجال. شاركت شخصيا في ورشة العمل الإقليمية للتدريب على استخدام الحقيبة التدريبية العربية في مجال محو الأمية، والتي نظمت في السودان من طرف مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية ببيروت، بتنسيق مع اللجنة الوطنية السودانية للتربية والعلوم والثقافة، وذلك في الفترة ما بين 7 و 12 أكتوبر 2000. وقد حضر في هذه الورشة ممثلوا كل من الأردن، السعودية، تونس، العراق، مصر و لبنان.
(في الصورة، الحقيبة التدريبية العربية التي تضم 10 كتب متخصصة، توفر المادة الرئيسية لتدريب مختلف القيادات المشرفة على برامج محو الأمية وتعليم الكبار).
2) تجربة كتابة الدولة لدى وزير التربية الوطنية والشباب المكلفة بمحاربة الأمية وبالتربية غير النظامية من 2002 إلى 2010.
كما كان منتظرا، وعلى غرار القطاعات السابقة، وبدون إجراء عمليات تقييم نتائج وحصيلة البرامج السابقة للوقوف على مكامن الضعف والقوة. قامت كتابة الدولة بإعداد إستراتيجية جديدة لمحو أمية مليون أمّي وأمية كل سنة ابتداء من 13 أكتوبر سنة 2003، وهو اليوم الذي اختير للاحتفال فيه باليوم الوطني لمحاربة الأمية، ويحمل البرنامج اسم "مسيرة النور"، على أساس تخفيض نسبة الأمية بالمغرب من %35 إلى %21، وذلك تفعيلا لمقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين (2000) والذي حدد تخفيض نسبة الأمية إلى أقل من %20 في أفق سنة 2010، للوصول إلى القضاء التام على هذه الآفة سنة 2015، وذلك بتظافر جهود جميع المؤسسات والقطاعات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص.
إن تحليل الحصيلة الرسمية لبرنامج "مسيرة النور" كشفت عن نتائج بعيدة كل البعد عن الأهداف الرقمية المسطرة في البرنامج والتي هي محو أمية مليون أمّي وأمية كل سنة. ففي شهر يناير من سنة 2004 مثلا، تم تسجيل 736.760 مستفيد ومستفيدة، وانخفض هذا العدد إلى 450.335 في شهر يونيو، ولم يتقدم لاجتياز امتحان نهاية السنة سوى 273.085 مستفيد ومستفيدة، نجح منهم 233.384، والفرق شاسع بين أعداد المسجلين في أول السنة وبين الناجحين، ولقد تبين فيما بعد أن من أسباب توافد هذه الأعداد الكبيرة للتسجيل في أقسام محو الأمية، هو الدعاية القوية لهذا البرنامج عبر التلفزة المغربية، وتوزيع بطاقات على المسجلين تم اعتبارها كجواز سفر للمرور إلى مرحلة ما بعد محو الأمية. (أنظر الصورة أسفله).
إستـراحة
أنا لا أرى إلاّ رجلا نائما. بعد تلوين الصورة، هل بإمكانك رؤية سيدة نائمة على جنبها وشعرها بنّي فاتح اللون؟
وللحد من الارتداد إلى الأمية الدعم والمتابعة، تم إعداد سلسلة من مجلة تثقيفية تحت عنوان "مسيرة النور"، وكذلك نشرات إخبارية أصدرتها كتابة الدولة لأجل المتحررين من الأمية.
كما عملت كتابة الدولة عل إعداد دروس وظيفية من برنامج التكوين الأساسي للكبار، لمحو الأمية باللغتين العربية والفرنسية في جزئين، على شكل أقراص مدمجة، وذلك بتعاون مع وزارة الشؤون الإقتصادية، وقطاع البريد والمواصلات وثقنيات الإعلام.
(أنظر الصورة).
وفي نهاية دروس برنامج "مسيرة النور"، يتم توزيع شهادات للمتحررين من الأمية ظلّت وإلى يومنا هذا بدون معادلة، ولا تمنح بالتالي للراغبين في مواصلة التعلّم من متابعة الدراسة سواء في التعليم النظامي، أو في مسالك التكوين المهني.
لقد تم توفير الموارد المالية لتمويل هذه المسيرة، من خلال ميزانية الدولة والمؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي للإنشاء والتعمير، والبنك الإفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية وغيرها، إضافة إلى التعاون الثنائي بين المغرب وفرنسا وكندا، خصوصا لتمويل برامج محو الأمية داخل المؤسسات الصناعية. وبحكم أنني استفدت من دورات تكوينية في هذا الموضوع سواء بالمغرب أو كندا، سأقوم إن شاء الله بإعداد موضوع خاص ببرنامج محو الأمية باللغة الفرنسية على المقاس داخل المؤسسات الصناعية بالمغرب بتعاون مع المؤسسة الكندية المختصة بالتربية والتعليم (Commission scolaire Marie-Victorin).
وفي ابتداء من سنة 2010، تم حذف كتابة الدولة من التشكيلة الحكومية ورجع ملف محو الأمية إلى موطنه الأصلي، أي إلى حضن مديرية محاربة الأمية كقطاع تابع لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي. وبخصوص المنجزات المقدمة بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية 8 شتنبر من سنة 2012، ذكرت وزارة التربية الوطنية بأن عدد المستفيدين وصل إلى 763 ألف مستفيد ومستفيدة في الموسم الدراسي 2012 – 2013. ويتوزع هذا العدد بين الجمعيات ب 398 ألف، والقطاعات الحكومية ب 363 ألف، أما نصيب المقاولات فوصل إلى أقل من 2000 مستفيد ومستفيدة، وبلغ معدل نسبة الأمية لدى الساكنة البالغ عمرها 10 سنوات فما فوق، %32 سنة 2014، أي بانخفاض بلغ 55 نقطة خلال 54 سنة.
وللإطلاع على الجزء الأخير من التجربة المغربية في مجال محاربة الأمية، المرجو النقر على الرابط أسفله.
إرسال تعليق