لعبة " سبينر " الموضة الجديدة
أصبحت اليوم لعبة " سبينر " بالإنجليزية )Fidget Spinner (تستحوذ على أصابع الملايين من الصغار والكبار
ذكورا وإناثا، سواء داخل الأقسام الدراسية أو وسط الساحات العمومية، وكذلك خلف
المكاتب الادارية وفي وسائل النقل والحدائق وداخل البيوت أيضا. وهي كما في الصورة
عبارة عن ثلاثة دوائر ملتفّة حول دائرة مركزية ومحورية، بداخلها كرات حديدية صغيرة
يتم تدويرها في أي اتجاه، وتستمر في الدوران حول نفسها بعد إمساكها من الوسط حتى
ولو تم وضعها فوق الطاولة.
ولد هذا المخلوق الحديدي أو البلاستيكي في
التسعينات كنتيجة لمقولة - الحاجة أم الاختراع - بحيث تمكّنت سيدة أمريكية تدعى ( كاترين )، من صنع نموذج بدائي وتقليدي
غير ميكانيكي، يشبه النموذج المتداول اليوم، وذلك لتقوم بترويض عضلات أصابع يدها
التي تعاني من وهن عضلي، يحرمها من التقاط لعب طفلتها ومشاركتها في اللعب. ورغم
بساطة ذلك الاختراع، فقد قامت بعرضه في معارض المنتجات اليدوية بولاية فلوريدا،
ولم يخطر على بالها أبدا أن هذه اللعبة ستتم قرصنتها وتطويرها من طرف شركات عالمية، أصبحت
تجني اليوم الملايين من الدولارات عبر المبيعات بشكل خيالي من المتاجر الالكترونية
ومحلات بيع لعب الأطفال في العالم أجمع، في حين لم تتقاض السيدة ( كاترين ) أي ربح
من اختراعها لسبب بسيط، أنها ومنذ سنة 2005 لم تستطع أداء رسوم تجديد براءة
الاختراع التي تضمن لها ملكية اختراعها، أي ما يعادل أربعة آلاف درهم سنويا (400
دولار أمريكي)، وذلك نظرا لظروفها المادية الصعبة.
فبعد جنون الأمس في لعبة (بوكيمون)، جاء دور جنون لعبة ( Spinner )، بحيث
تم الترويج عبر الانترنيت لفوائدها الإيجابية على الأطفال والكبار معا، فامتدت
قائمة دواعي الاستعمال تماما كوصفة طبيّة، لتشمل مقاومة نقصان الانتباه لدى الصغار
والحد من فرط النشاط ومساعدة مرضى التوحد، والتخفيف من القلق والتوتر لدى الكبار وكذا
تعزيز الذاكرة والقائمة طويلة جدا، وذلك فقط بسعر يتراوح ما بين سبعين ومائة درهم مغربي
أي عشر دولارات حسب الجودة والتصميم، وحسب الشكل واللون وألوان الإضاءة التي تظهر
عندما تدور وتختفي بتوقف الدوران. لعبة تتناسب مع جميع الأعمار بداية من أربع
سنوات إلى أعمار الذين مثلي اشتعل رأسهم شيبا.
منذ اختراع اللعبة والجدل مستمر بين المهتمين حول مدى قدرتها على تحقيق الفوائد
المذكورة. غير أن الأبحاث العلمية المختصة، أثبتت عدم صحة هذه الشائعات التجارية،
بحيث تمّت تبرئة اللعبة من مهمّة تخفيف الضغط ومقاومة القلق وتهدئة التوتر. كما لم
تظهر فوائد صحيّة على مستعمليها من مرضى التوحد، بل كل ما في الأمر أن التفسير
الوحيد لشعور بعضهم بالارتياح أثناء اللعب، هو ما ذهب إليه المختصون عندما أشاروا
إلى أنّ من الناس من يحتاج للإمساك بأي شيء بين أصابعه، كي يرتاح ويخفف عنه التوتر،
كاللعب بالقلم بين الأصابع أو خصلات الشعر أو كرة صغيرة أو قضم الأظافر أو اللعب
بالسجارة أو تحريك سبحة من ثلاثة وثلاثين حبّة. كما أنها تخلق لدى الأطفال شعورا
جيّدا من الرضا عن النفس عند التحكم في دوران اللعبة لأطول مدة، والفوز بتقدير
الآخرين، والإحساس بسعادة الانتصار.
لقد أصبحت الشبكة العنكبوتية اليوم مليئة بمئات
لقطات الفيديو لأطفال من مختلف الأعمار، يلعبون بها في وضعيات صعبة، في أفق إجراء
مسابقات دولية لهواة تدوير هذه اللعبة، ونقلها بين الأصابع من يد لأخرى . وبغض
النظر عن الفوائد المحتملة، كان رد فعل الآباء في الاتجاه المعاكس، مثلهم مثل
المعلمين الذين لاحظوا أنها تشتّت انتباه التلاميذ داخل القسم، بل وقد كانت وراء
العديد من الحوادث المؤلمة عند استعمالها بطريقة خاطئة من طرف التلاميذ في الساحات،
فتمت مصادرتها من بعض المدارس في بريطانيا وأمريكا، ومعاقبة حاملها حتى وإن لم يكن
يلعب بها.
إنها لعبة
موضة كغيرها من الألعاب التي سادت ثم بادت، وقبل أن تصبح كذلك، علينا أن نفكر في
إمكانية تقديم هذه اللعبة كهدية رمزية لنواب الأمة في البرلمان بدل هدية الهواتف الذكية.
إرسال تعليق