ثانيا: تعريف التحليل.
ثالثا: أهداف تحليل مضامين كتب محو الأمية.
رابعا: مكوّنات التحليل.
خامسا: منهجية تحليل المضمون.
أولا: مقدمة.
فكما هو معلوم، يشمل تقويم
برامج ومنظومة محو الأمية مجالات عدة نذكر منها:
1) تحديد مستوى
الدارسين وقياس درجة مكتسباتهم في المهارات اللغوية والحسابية، سواء عن طريق
مقارنة مستواهم بمستويات زملائهم من جهة، أو بواسطة مقارنة تحصيلهم الدراسي في الحاضر على ضوء مستواهم في الماضي، وذلك لأجل
تصنيفهم إلى مستويات متقاربة.
2) تحديد طرق
التدريس واختيار الوسائل التعليمية المناسبة.
3) تقويم المعلم وتحديد مستواه الثقافي والمهني
والشخصي.
4) تقويم محتوى كتب محو الأمية شكلاً ومضمونًا، كمًا
وكيفًا، وهذا هو موضوع هذه المداخلة.
تعتبر كتب محو الأمية
وتعليم الكبار أداة فعّالة لتحقيق الأهداف المسطرة لبرامج محو الأمية، فهي المصدر
الذي يحتوي على المعارف والمهارات والمعلومات التي ينتظر الجميع أن يتوصل الأميون
إلى اكتسابها وتطبيقها التطبيق الأمثل في حياتهم اليومية وبشكل مستمر، وبالتالي
إنجاح جهود محو الأمية والحيلولة دون الارتداد للأمية من جديد.
من
هنا تأتي أهمية كتب محو الأمية وضرورة تحسين مضامينها وفق المعايير والمواصفات
العلمية والأندراغوجية الخاصة بتعليم الكبار، وذلك بتحليل محتواها التعليمي لمعرفة
مواطن القوة والضعف، وعدم الاقتصار على تقويم مستوى المتعلمين وباقي مكونات بيئة
التعلّم الأخرى للحكم على نجاح أو فشل أي برنامج من برامج محو الأمية.
ثانيا: تعريف التحليل.
التحليل حسب الأستاذ "بنجامين بْلومْ"
(وهو عالم نفس
أمريكي مختص في البيداغوجيا ولد في 1913 وتوفي في 1999،) هو:
'' عزل
العناصر والأجزاء المكونة لرسالة ما، حتى يسهل توضيح التدرج النسبي للأفكار
الواردة فيها، ثم إبراز العلاقات والترابطات القائمة بين هذه الأفكار. وكل هذه
العمليات تسعى بالأساس إلى شرح مضمون الرسالة، وتفسير الوسائل والمناهج المنظّمة
لها، وتوضيح الطرق التي تم استعمالها لبلوغ الأهداف المتوخاة من تلك الرسالة''.
وكيفما كان
تعريف تحليل المحتوى، فإنه يمكّننا من وصف مضمون كتب محو الأمية وتعليم الكبار،
والتعرف على مكونات المواضيع، وذلك بغية التوصل إلى إصدار حكم موضوعي عليها، سواء
كان إيجابيا أو سلبيا، بناء على معايير موضوعية، فيصبح التحليل بمثابة تقييم
المحتوى كخطوة أولى، يجب أن تتبعها خطوة ثانية تتعلق بالتقويم أي إعادة النظر في المضامين شكلا
وضمونا.
ثالثا: أهداف تحليل مضاميـن كتب محو الأمية.
كما هو معلوم، فإن التقويم يختلف تماما عن تحليل
مضامين كتب محو الأمية وتعليم الكبار، لأن التقويم يعتبر خطوة لاحقة ومكمّلة
لعملية تحليل المحتوى، ويبقى الهدف الرئيسي المشترك سواء من القيام بتحليل
المضامين أو بتقييم برامج محو الأمية بصفة عامة، هو إحداث عدة تغييرات سلوكية لدى
المتعلّم الكبير ليتمكّن من أن يوظّف المكتسبات في حياته اليومية، والاستفادة منها
في مختلف المواقف الحياتية، ليكون مواطنا واعيا ومؤهلا للمشاركة الفعلية والمستمرة
في التنمية المستدامة وفي التعلّم مدى الحياة، لأن
الغاية هي إنجاح المضامين والبرامج بصفة عامة على ضوء المعايير السالف ذكرها وعلى
ضوء الأهداف المسطرة.
ويمكن تحديد أهم أهداف تحليل مضامين كتب محو الأمية
فيما يلي:
1) تشخيص نواحي القوة والضعف في محتويات نصوص كتب محو
الأمية الموجهة للكبار في مراحل متقدمة من دروس محو الأمية، أو بالنسبة لكتب مرحلة
المتابعة أي ما بعد محو الأمية.
2) توفير
المعلومات اللازمة على كل استنتاجات وتوصيات ومقترحات لتطوير المناهج التعليمية
المخصصة لبرامج محو الأمية، لترقية مضامين الكتب وملائمتها مع خصوصيات المتعلمين
الكبار من جهة، ومع المعايير العلمية والعملية الجاري بها العمل في الدول المتقدمة
من جهة أخرى.
رابعـا: مكوّنات التحليل.
يرتكز تحليل
المواضيع والنصوص المتضمنة في كتب محو الأمية على ما يلي:
1)
البحث عن
العناصر المكونة للرسالة والتي تألف موضوعا، وهي بمثابة عملية استكشاف الواقع، وقد
تكون العناصر التي ينبغي استخراجها ظاهرة أو غير ظاهرة.
2) البحث عن قواعد التنظيم،
وهي الأسس والبنيات المنظمة للرسالة داخل مواضيع الكتب والمؤدية إلى انسجامها من
أسماء وفئات وشروط.
3) البحث عن العلاقات والتفاعلات بين عناصر أو أجزاء
الخطاب والتي يجب أن تشكّل كلاّ واحدا.
4)
البحث عن التركيب،
وهو الجمع بين العناصر والأجزاء لتشكل كلاّ واحدا من حيث البنية والدلالة ومن حيث
الشكل والصياغة.
5) القيام بالتقييم، وهو صياغة أحكام حول قيمة مادة
معيّنة والطريقة المتبعة لبلوغ الهدف.
استراحة
ماذا ترى في الصورة؟
خامسا: منهجية تحليل المضمون.
قبل دراسة وتحليل المادة المكتوبة ومضامين كتب محو
الأمية، لابد من طرح التساؤلات التالية:
- من هـو المؤلف أو المؤلفين؟
إذ لابد من البحث في
المستوى العلمي والتجربة الشخصية في تأليف كتب موجهة للكبار، باعتبار أن محتوى
المادة التعليمية ليس سوى أفكار المرسل الذي هو واضع المضمون.
- ماذا يقول المؤلف؟
إذا أخذنا بعين الاعتبار أن محتوى المنهج هو الرسالة
التي سبق ذكرها في موضوع التواصل داخل هذه المدونة، فعلينا القيام بتشريح الأفكار
الواردة في النصوص لتدقيق المفاهيم والحقائق والرسائل الموجهة للأمي الكبير الدارس
في أقسام محو الأمية. إن أي مادة قرائية يكتبها الكاتب في كتب محو الأمية وتعليم الكبار، تتأثر بأفكار وفلسفة المؤلف. فإن كان الهدف هو تعليم فك رموز الحروف، فإنه يستخدم المادة القرائية من أجل ذلك. أما إذا كان يهدف إلى تأليف مادة قرائية للمتحررين من الأمية، فإنه سيسلك طريقا آخر في التأليف، يرتكز أساسا على البعد الوظيفي والتثقيفي للكتاب الذي نضعه بين أيدي الكبار، لأجل إحداث تغييرات منتظرة، وإكساب أفكار ومهارات جديدة أو إعادة تنظيم تلك الأفكار التي سبق أن اكتسبها المتعلم الكبير في مراحل سابقة.
- بأي أسلوب؟
ويتعلق الأمر بطريقة عرض المضامين التعليمية، هل
بواسطة السرد أو بأسلوب القصة أو الحوارات أو بالصور وغيرها من الوسائل المرئية. بعد ذلك يمكن القيام بدراسة الوصف الموضوعي المنهجي
والكمّي للمحتوى الظاهر لأغلبية كتب محو الأمية. وتنطلق هذه المنهجية في البحث
والتحليل من مدى توفر الوظائف التالية في كتب محو الأمية وتعليم الكبار بصفة عامة.
وهذه الوظائف تتوزع على ركنين أساسيين هما:
· أ- الركن الفكري.
يتعلق
بالعلاقات المعرفية والوجدانية بين المتلقي وبين المضامين. يتطلب الإجابة عن مجموعة من الأسئلة خارج النص، تتمحور في مجملها على التساؤلات التالية:
- هل يتصل المضمون بمشكلات وحاجات ومستويات الفئة
المستفيدة؟
- ما هي أوجه التعلّم المراد تبليغها للمستفيدين
الكبار؟ (وظيفي - تعليمي - تثقيفي).
- هل يسعى الكتاب ككل إلى تعزيز هوية الدارس الوطنية
الثقافية والروحية؟
- هل يساعد على تنمية التفكير العلمي لتقبّل مضامين
الكتاب؟
· ب - الركن الفنّي.
- الإخراج.
و يشمل جانب الإخراج مختلف النواحي المادية، وله صبغة تقنية وجمالية تواصلية، تجعل الكتاب مشوقا، وتلعب دورا هاما في إيصال الرسالة من حيث الشكل،
والتحفيز وبث الدافعية للقراءة.
- الجاذبية والوضوح.
ويتعلق الأمر بطريقة إخراج الغلاف من حيث:
أ) إخراج الكتابة
والمساحات والصور وتوظيفها وحجمها ودرجة ارتباطها بالموضوع.
ب) الألوان
في الغلاف أو لون الحبر في داخل الكتاب، وكذلك مدى ملائمة بنط الطباعة والحجم المناسب.
ج) وجود أو عدم وجود هوامش واسعة على جوانب الصفحة، التي تعتبر الوعاء الذي يحمل المادة القرائية.
د) نوعية الورق المستعمل في الطباعة من حيث الوزن الملمس.
هـ) حجم الصور الإيضاحية والرسومات المرفقة للنصوص القرائية، ومدى تناسبها مع أعمار المستفيدين الكبار.
و) البحث عن تعدد أساليب العرض التي تساعد الأمي الكبير على التحصيل والإدراك. نذكر منها أسلوب الكتابة
بالأقصوصة أو الحوار، أو توظيف الأمثال والطرائف الشعبية وغيرها.
ز) التركيز على طريقة التجليد التي تمنح للقارئ إمكانية المسك بالكتاب والحفاظ عليه أطول مدة ممكنة.
- الإنقرائية.
إن من أهم الجوانب التي يجب أن ينصب عليها التفكير أثناء تحليل مضامين الكتب ما سمي بالإنقرائية، والتي هي أول ما يجب أن تتوفر في المادة التعليمية الموجهة للكبار. فهي المستوى الذي يستطيع الفرد من خلاله أن يقرأ بأقل جهد ممكن كل المفردات والجمل والنصوص، وتتولد لديه الرغبة في مواصلة القراءة، والشعور بالحاجة للمزيد لمواصلة التعلم مدى الحياة. ولأجل ذلك، وضع العديد من الباحثين معايير متنوعة لقياس درجة الانقرائية، بحيث اهتم البعض بمعدل طول الجملة (معادلة فليش Flesh) مثلا، أو معادلة الباحث (يواكم Yoakam) التي تعتمد على عدد الكلمات الصعبة فقط، وغيرها من معادلات قياس الانقرائية الهادفة إلى تبسيط المواد القرائية الموجهة للكبار المتحررين من الأمية.
- الموقف من الطبيعة.
يجري التحليل بهذه الطريقة للكشف عن موقف الإنسان
الذي يظهر في الكتاب، ويتم الاختيار بين ثلاثة بدائل وهي:
أولا: المسيطر:
أي الإنسان الفعّال الذي يكيّف المحيط الذي يعيش فيه
لحاجاته، ولا يتخذ موقفا سلبيا من جميع الأمور، بحيث تراه يعمل وينتج ويحاول أن
يفهم ليجد الحلول الملائمة لما يواجهه من مشكلات، وبالتالي عدم الاكتفاء بالمواقف
السلبية وبالإتكالية.
ثانيا: الخاضع:
ونرى الإنسان في كل المواقف خاضعا لمصيره، يكيف نفسه
معها بطريقة سلبية ولا يتخذ أي موقف لإيجاد الحلول وتغيير الواقع وتفادي
اللامبالاة.
ثالثا: المنسجم:
وهو الإنسان المجسّد داخل النص سواء كان ذكرا أو
أنثى والذي يجد نفسه جزءا من المحيط الذي يعيش فيه، له موقعه ودوره يحترم المجتمع
وقوانينه وعاداته.
- الموقـف من الزمن.
وتعتمد هذه المنهجية في تحليل النصوص على البحث في
المضامين، لاكتشاف البعد الزمني المحيط بشخصيات النصوص، وذلك وفق الأزمنة الثلاثة،
وكذا البحث عن مدى هيمنة زمن ما على الأزمنة التالية:
- الماضي: ويتمثل في الإشارات الموجودة في النص والتي تحيلنا على مثلا على التراث الشعبي أو على التاريخ والذكريات وغيرها من التلميحات.
- الحاضر: ويتعلق الأمر بالبحث عن الإشارات الموجودة في النصوص، سواء عن طريق الكلمات أو الصور، والتي تحيلنا على الحاضر كمشكلات العصر الحالي كالثلوث مثلا أو الاختراعات العلمية التي يعيش في محيطها قارئ كتب محو الأمية وتعليم الكبار.
- المستقبل: ويتجلى عندما يتطرق الكتاب إلى مواضيع مستقبلية كالتخطيط والادخار والاستثمار ومهن المستقبل، وكل المواضيع التي لها بعد مستقبلي.
- الموقف من العلاقات الإنسانية.
وينصبّ هذا التحليل على معرفة مدى الأسبقية التي تعطى
لنوع ما من العلاقات الإنسانية، وذلك من خلال النصوص القرائية، ومدى غياب بعضها
رغم أهميتها بالنسبة للمتعلّم الكبير. ويمكن تصنيف هذه العلاقات على الشكل
التالي:
- العلاقات التعاونية بصفة عامة بمختلف أوجهها
المتعددة.
- العلاقات الفردية بين الفرد ونفسه أو مع غيره في إطار
الجماعة أو الصداقة.
- العلاقات الأسرية والعائلية.
- العلاقات التنافسية في مختلف المجالات والمستويات.
كما يمكن أن يجرى التحليل كذلك بالإضافة إلى ما سبق
إلى بعد آخر وهو بعد يتعلق بجنسيات النص
الموجه للمتعلمين الكبار في أقسام محو الأمية، أي نسبة الذكور والإناث في كل نص أو
صورة، وذلك لتحديد اتجاهات المؤلفين التمييزية بين الذكور والإناث كشخصيات محورية داخل النصوص
القرائية، أو ما سمي اليوم بالجندرة أي (Le genre)، وهي بنية اجتماعية من الأفكار التي تؤثر في الأدوار
والمواقف والقيم والتوقعات للرجل والمرأة وما ينتج عنها من مشاكل اجتماعية وغيرها.
الـجـواب
المفروض أن ترى في الصورة وجه كلب بلون أزرق خلف الذيل الأبيض.
تم بحمد الله.
إرسال تعليق