إعداد المواد التعليمية لمرحلة التكميل.
أولا: مرحلة تعلم القراءة:
تبث من خلال التجارب والأبحاث التي أجريت في ميدان القراءة، أن مهارات القراءة لا يتعلمها الدارس مرة واحدة، بل لابد من التسلسل في عملية التعلم، بحيث لا ينتقل الدارس إلى مستوى معين، إلا بعد أن يثقن المستوى الذي قبله، والذي يعتبر أساسا له. فلا يتصور على سبيل المثال، أن يتعلم الدارس السرعة والطلاقة في القراءة، قبل أن يتقن مهارة التعرف على الحروف والتعرف على الكلمات، والتمييز بين الأصوات، والربط بين أصواتها وأشكالها. كذلك ثبت من هذه التجارب، أن المراحل التي يمر بها الدارس حتى يتقن القراءة هي أربعة مراحل. الأولى هي مرحلة الاستعداد للقراءة، والثانية هي مرحلة تكوين المعارف الأساسية، والثالثة هي مرحلة السرعة والطلاقة، ثم المرحلة الرابعة وهي مرحلة النضج. لكل مرحلة من هذه المراحل خصائص تميزها، ووقت معين تستغرقه، ومستوى من النضج تتجه إليه. وفي ما يلي عرض موجز للجوانب المختلفة لهذه المراحل.
1. مرحلة الاستعداد للقراءة:
يقصد بحالة الاستعداد، الحالة التي يكون فيها الإنسان مهيأ من الناحية الجسمية والانفعالية لتعلم شيء معين. فالطفل مثلا يتعلم المشي بعد أن يستعد جسميا له، بمعنى أن جسمه بلغ مستوى من النضج يمكنه من القيام بالحركات والعمليات العضلية التي يتطلبها المشي، ومثل ذلك ينطبق على مختلف المهارات التي يتطلبها الإنسان ومن بينها القراءة، وهي عملية تتطلب استعدادا جسميا وعقليا وانفعاليا لدى الدارس قبل أن يبدأ في التعلم.
يتوقف الاستعداد لتعلم القراءة على عدة عوامل: قدرة عقلية تكفي لترجمة الرموز إلى معانيها. رغبة في تعلم القراءة. خبرة واسعة تساعد على فهم المعاني والموضوعات المكتوبة. ثروة لغوية تساعد على فهم المقصود من المفردات والتراكيب. قدرة على التفكير الواضح. قدرة على تركيز الانتباه ودقة الملاحظة. قدرة على تمييز الأصوات والأشكال. قدرة على تفسير الصور. قدرة على العمل مع الآخرين، وتكييف الذات لتتلائم مع المواقف المختلفة. الخلو من الأمراض والعاهات الجسدية، و التوترات والاضطرابات النفسية التي تحول دون إدراك الرموز، أو التركيز على المعنى.
2. مرحلة تكوين الاتجاهات والعادات الأولية في القراءة:
في هذه المرحلة يبدأ الدارس في تعلم القراءة، فيتعرف على عدد من الكلمات ويدرك معناها، ويتعرف على الحروف الهجائية ويربط بين أصواتها وأشكالها، ويتدرب على فهم معنى النص. ويمكن أن يصل الدارس في نهاية هذه المرحلة، إلى المستوى الذي اصطلح عليه بالحد الأدنى في تعلم القراءة، بحيث يستطيع عند نهاية هذا المستوى، أن يقرأ بعض الجمل واللافتات وعناوين الصحف والاعلانات.
وأما الاتجاهات والعادات التي تتكون في هذه المرحلة هي:
- الميل إلى التفكير والبحث عن المعاني من خلال القراءة.
- المهارة في التعرف على الكلمات التي سبق عرضها ونطقها نطقا صحيحا بمجرد النظر إليها.
- القدرة على قراءة الكلمات الجديدة والتعرف عليها.
- القدرة على استجلاء المعاني والأفكار من المادة المقروءة.
- القدرة على نقد الأفكار واستخدامها في توجيه شؤون الإنسان.
- الاهتمام بالقراءة والاستماع لكسب المعلومات.
- الرغبة في مواصلة التعلم بعد نهاية هذه المرحلة. ولبلوغ ذلك، يجب أن تمتد هذه المرحلة على غلاف زمني قدره شهران على أساس خمسة دروس في الأسبوع لمدة ساعة في كل درس.
3. مرحلة الطلاقة والسرعة في القراءة:
في هذه المرحلة يبدأ الدارس في إتقان المهارات والكفايات التي تكونت لديه في المرحلة السابقة، فيزيد ميله إلى القراءة، ويتعمّق فهمه لما يقرأ، وتتعدد المجالات التي يقرأ فيها، ويزيد من عدد الكلمات التي يتعرف عليها بمجرد النظر إليها، وقد يصل عددها أحيانا إلى ألف كلمة، من بينها عدد من الكلمات غير الشائعة في الحديث اليومي.
تزداد العناية في هذه المرحلة بالقراءة الصامتة، كما تزداد السرعة في القراءة الجهرية كلما تم إنقاص عدد الوقفات، وبالتالي تقل الأخطاء فيها، وكلما تم تقديم أنواع كثيرة من المادة المقروءة إلى الدارسين، وذلك بغية الوصول إلى تكوين عادة الاستقلال الذاتي في القراءة لديهم. وقد تستغرق هذه المرحلة ما بين أربعة أشهر وسبعة، على أساس خمسة دروس أسبوعية بمعدل ساعة لكل درس، مع إضافة عدد من الساعات للقراءة الشخصية الخارجية.
4. مرحلة النضج وتسمى مرحلة التكميل أيضا:
تتميز هذه المرحلة باستمرار النمو في المهارات واكتساب العادات التي تكونت ونمت في المرحلتين السابقتين، لأن هناك استمرار في زيادة السرعة، وهناك أيضا استمرار في نمو قدرات الفهم والنقد والتفاعل، وهناك أخيرا استمرار في تحسن القراءة الجهرية. وقد قدر لهذه الفترة مدة تتراوح بين شهر ونصف وتسعة أشهر، وذلك نظرا لاختلاف قدرات أفراد جماعة القسم بعضهم عن بعض.
تلك هي المراحل الأربعة التي يمر بها الدارس في تعلم القراءة. ويلاحظ أنها متداخلة في ما بينها، بحيث لا يمكن الفصل بينها فصلا دقيقا، رغم أن لكل مرحلة معالم رئيسية خاصة بها.
ثانيا: المواد التعليمية في مرحلة النضج ( التكميل ):
سبقت الإشارة إلى أن الدارس يتميز في هذه المرحلة، بأنه يميل إلى التوسع والسرعة في القراءة، وأن مهاراته التي تكونت في عمليات القراءة تجنح إلى الاستقرار. كما سبقت الإشارة أيضا إلى مرحلة النضج التي يصبح فيها الدارس قادرا على التفاعل مع القراءة الموجودة في وسطه وفي مجتمعه. ومن هنا كانت مرحلة النضج تحتاج إلى كتب تعليمية، تتميز بالتنوع في تناول الموضوعات وبأسلوب شيق، مع وفرة من الكلمات المتداولة في لغة الكتابة، كما تتميز بشكل معين في الإخراج.
1. من حيث الموضوعات:
أما من حيث الموضوعات التي ينبغي أن تشتمل عليها الكتب التعليمية في مرحلة النضج، فينبغي أن تتنوع وألاّ تقتصر على مجال واحد، بل تتسع لتشمل موضوعات مهنية ووطنية، وعملية وصحية وتاريخية ودينية وترويحية، تجدد شوق الدارسين، وتدفعهم إلى المزيد من التعلم. كما يجب أن تراعي ميول الدارسين واهتماماتهم عند اختيار هذه الموضوعات، فإذا كان للمؤلف أن يستند إلى خبرته الشخصية في اختيار الموضوعات، فقد يكون من الأجدى أن يستند ويسترشد بنتائج بعض الدراسات التي تمت في هذا الصدد، والتي أجريت في بيئة الدارسين للتعرف على اهتماماتهم وميولهم في القراءة، حتى يتمكن من اختيار المواضيع المناسبة لمرحلة التكميل.
وفي ما يلي ملخص للموضوعات التي يميل إليها المتعلمون في مرحلة المتابعة في العديد من الدول العربية، نرتبها حسب أهميتها لدى جمهور القراء في معظم الأقطار العربية.
- الدين والمعتقدات، ويشمل أصول الدين والفرائض والعبادات مع تفسير القرآن والحديث والأدعية الدينية، إضافة إلى حفظ السور القصيرة لأداء الصلوات.
- الصحة، وتشمل الصحة الشخصية والصحة العمومية، الوقاية والعلاج وصحة الأم والطفل.
- التاريخ الوطني، ويشمل تاريخ البلد والبلدان العربية الأخرى، والمعالم التاريخية.
- حياة الفلاح وأنشطته في البادية، وتشمل المحاصيل الزراعية وتربية الدواجن والأبقار والأغنام، وكذلك الصناعات الغذائية والجمعيات التعاونية.
- التربية والتعليم، وتشمل أهمية التربية بالنسبة للفرد والمجتمع.
- الحياة السياسية، وتشمل الحكومة والأحزاب السياسية والبرلمان والوزارات وباقي المصالح الإدارية.
- شؤون البيت، وتشمل التغذية والميزانية والطهي و الحياكة والطرز وتفصيل الملابس والخياطة.
- المشاكل الاجتماعية، وتشمل سلوك الأفراد والانحراف والمشاكل النفسية والعلاقة بين الآباء والأبناء، وأيضا وضعية المرأة و مدونة الأسرة، الطلاق والنفقة وغيرها.
- الترفيه، ويشمل الفكاهة والنوادر والأقوال الشعبية والقصص العربية.
2. من حيث الأسلوب:
هذا من حيث موضوعات الكتب في هذه المرحلة، أما من حيث الأسلوب، فإنه يشمل طريقة العرض وتكوين الجمل. وبالنسبة لطريقة العرض في كتب التكميل، فلابد أن تكون متنوعة لتشمل القصة والسرد والحوار والوصف، وذلك وفقا لما يقتضيه الموضوع.
أما بخصوص تكوين الجمل، فينبغي إتباع أسلوب التدرج في الجملة لتصبح في النهاية شبيهة بالجمل الموجودة في الكتابة الشائعة في المجتمع، حتى يتمكن الدارس من متابعة القراءة الذاتية مستقبلا. ومن حيث الكلمات التي تقدم في كتب التكميل، فيشترط أن تكون من الكلمات الوظيفية التي يكثر توفرها في المواد التعليمية الجاري بها العمل في المجتمع، مثل الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والنشرات الدورية. كما يشترط ألاّ يزيد ما يقدم من الكلمات الجديدة عن ثلاث كلمات في الصفحة الواحدة، وأن لا تتكرر هذه الكلمات مرات عديدة في الكتاب كله.
ومن حيث إخراج الكتب سواء لمرحلة المتابعة أو التكميل، فينبغي أن تشتمل على بعض الصور المعبرة منشورة بين الصفحات، وأن يكون حجم الكتاب مناسبا، وأن يكتب ببنط يماثل بنط الكتابة في الكتب الشائعة في المجتمع، وللمزيد من المعلومات، أنقر على الرابط التالي:
إرسال تعليق