/>head> tags إنّا للّه وإنّا إليه راجعون.
U3F1ZWV6ZTM4NzI4NTMzMTQzODI4X0ZyZWUyNDQzMzMwNzU5Njc1MA==

إنّا للّه وإنّا إليه راجعون.

الموت

إنّا للّه وإنّا إليه راجعون

انتشرت التكنولوجيا الرقمية لتصل إلى ما بعد الموت، وذلك عند فقدان شخص عزيز في لحظة من أصعب اللحظات التي يمر بها الناس في هذه الدنيا الفانية، فلم يبق النعي فقط حكرا على إعلانات الوفيات على الصفحات الورقية أو النشرات المسموعة أو المرئية، بل أصبح العزاء والمواساة يتم عبر الفضاء الأزرق الإفتراضي، كشكل من أشكال التفاعل والتواصل الإنساني، فوجد البعض في هذه الوسيلة طريقة لمشاطرة الأصدقاء والأقرباء أحزانهم، و لتأدية الواجب بكل سهولة، وخاصة لمن تمنعهم طبيعة عملهم من القيام بواجبهم في الظروف الطارئة، كالمغتربين الذين تمنعهم المسافات من التواجد الفعلي في الجنازات، كما أصبح كذلك خدمة مجانية لمن يشعر بثقل تأدية واجب العزاء، خاصة أولئك الذين لا يملكون الكلمات والتعبيرات الملائمة لمثل هذه المناسبات الأليمة، والتي تعتبر فرصة للالتفاف حول الأهل وتمتين الروابط المقطوعة، وهي أيضا فرصة تجعل الناس يتفكّرون حتمية الموت الذي قيل عنه أنه الحق الذي يكرهه الجميع.

عند قراءة خبر النعي على الشبكة العنكبوتية، يتفضل العقلاء بكتابة جمل العزاء على غرار: ( إنا لله وإنا إليه راجعون أو رحم الله الفقيد(ة) وأسكنه فسيح جناته، لله ما أخذ وله ما أعطى) الخ. غير أن البعض يتفاعل بتعبيرات وأشكال متنوعة، منها ما هو عابس أو دامع العين يأخذها من الرسومات الصفراء التي تختصر عبارة أنا حزين، بل منهم من ينقر على زر الإعجاب بوفاة شخص عزيز عليه. و قد نرى مستقبلا إمكانية تقديم العزاء والمشاركة عن طريق مشاهدة مراسم الجنائز مباشرة وعن بعد، من طرف العائلات المتفرقة في جميع أنحاء العالم.

 ولكي تكون خدمة الانترنيت أكثر إيجابية من نشر التعازي وأكثر خدمة لأهل الميت، كان من المفروض أن نجد إعلانات إشهارية لشركات متخصصة أو جمعيات تطوعية محلية، توفّر خدمات متعددة لأسرة المتوفى، لأجل تسهيل الفترة الصعبة التي تمر بها الأسرة، منها مثلا حجز القبر الذي سيصبح وجوده غدا من المستحيلات، وكذلك تمييزه بعلامة مميزة لتلافي الاعتماد على الذاكرة، و حتى نتجنّب قراءة كل شواهد القبور بحثا عن اسم المتوفى في غياب التنظيم داخل مقابر المسلمين. كما ننتظر من الخواص التكفل أيضا بشراء الكفن وكراء النعش، واستخراج شهادة الوفاة وتصريح الدفن، وإجراءات إخراج المتوفى من المستشفى أو العيادة ونقل موتى المسلمين، والتدخل أيضا ميدانيا لإعفاء العائلات من مواجهة طلبات عمال الحفر والدفن ومن يرشّون القبر بالماء وماء الزهر، ومن يزرعون النباتات فوق القبور، وعشرات قرّاء القرآن والمتسولين داخل المقابر، بل وجميع الخطوات والطقوس، منذ لحظة الوفاة إلى الدفن.

أما تحضير المأتم فلقد أصبح اليوم من اختصاص مموّن الحفلات، الذي تحوّل إلى ممون الوفيات، بحيث أصبح المعزون كالمدعوين، ولم تعد أيادي الجيران تعدّ أطباق الكسكس لأهل المتوفى، بل تنصب الخيام فورا، وتقف الكراسي على أربع، وتغلق المعابر والممرات،وتعلّق مكبرات الصوت لكي يتتبع الجميع أناشيد فرق المادحين و المادحات، ويتخيل مشاهد الوقوف على الأقدام الحافية أثناء ذكر:( هادي ساعة من ساعات الله يحضر فيها الحبيب رسول الله)، وقد انتبهوا مؤخرا إلى ضرورة تصحيح الخطأ الشائع فعوضّوا جملة يحضر فيها رسول الله ب: (صلّوا على الحبيب رسول الله)، في حين تصلك رائحة  ما لذّ وطاب من الأطعمة، مع العلم أن طقوس الجنائز عندنا قد تمتد لثلاثة أيام، حسب إمكانيات أسرة المتوفى، بل وقد يضرب لهم الممون موعدا آخر بمناسبة الذكرى الأربعين، ليتجدد استعراض الأكل والأزياء، ويحل الفرح محل الحزن، ويجلس السرور في مكان الألم، ويصبح للحزن عندنا موائده.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة