/>head> tags الواتزاب.
U3F1ZWV6ZTM4NzI4NTMzMTQzODI4X0ZyZWUyNDQzMzMwNzU5Njc1MA==

الواتزاب.


الواتزاب

الواتزاب

بالرجوع إلى دفتر الحالة المدنية للواتزاب، نجد أن اسمه قد تم اقتباسه من عبارة باللغة الإنجليزية وهي (what’s up)  والتي تستخدم بين الأصدقاء للسؤال عن كل جديد. لقد أصبح (الواتزاب أوالواتس آب) اليوم عبارة عن نهر تحمل أمواجه سيولا من الصور والمقاطع الصوتية ولقطات الفيديو التي تصبّ في هواتف العديد من فئات المجتمع، وتمّ اعتماده ليصبح عضوا كامل العضوية لدى عائلة الرسائل الفورية التي لا يحملها ساعي البريد الذي نعرفه جميعا، بل هي عبارة عن إشارات تلتقطها الهواتف المحمولة، أو الذكية، وتشعرنا بوصولها الفوري عبر رنة صوتية مميزة، تعرفها حتى الجدّات في البيوت التقليدية.

من الناس من يتصفحون صندوقهم البريدي في وقت مبكر وبعين واحدة شبه مفتوحة، قبل تناول الفطور وإلى آخر ساعة من الليل، فترى عيونهم لا تفارق شاشة الهاتف، بينما أناملهم تعزف على الحروف والأرقام في غفلة من الزمن، وفي تركيز مفرط على الحواس لدرجة الانعزال أو الاعتكاف، سواء أثناء اللقاءات الجماعية أو في قاعات الانتظار، أو في المقاهي وفي وسائل النقل العمومي كذلك، وفي أحضان الزيارات العائلية. بل هناك من يستخدمه أثناء السياقة مما يعرّض حياته وحياة الآخرين للخطر، الكل منشغل بتبادل الرسائل في صمت على حساب العلاقات الاجتماعية المباشرة.


لقد أصبح الشباب اليوم يلجئء إلى الاستغناء عن الكتابة وتعويضها بمجموعة من الرموز التعبيرية، فعندما يقوم بالكتابة، يقترح عليه الهاتف المحمول الكلمات المحتملة ليختار ما يشاء، وليقوم بالكتابة بسرعة دون عناء، وبعدها يقوم الهاتف بعملية تصحيح النص. والغريب في الأمر، أن أغلبية الشباب يتجنبون الكتابة على لوحة المفاتيح العربية، فأصبحوا يكتبون العربية بحروف لاتينية وبأرقام حسابية ورسوم هندسية، بل هناك تطبيق جديد يعفيهم حتى من الكتابة، بحيث يتم تحميله على الهاتف لتحويل الصوت إلى كتابة بالعامية أو الفصحى.

 ككل برنامج للتواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية، تم استقراء هذه الظاهرة من خلال دراسات عديدة، وذلك لتحديد المنافع والمضار لدى عيّنات تنتمي لفئات اجتماعية مختلفة، وبغض النظر عن محتويات الرسائل النصية أو صور الفيديو المنحرفة عن الطريق والتي يتفق الجميع على مدى تأثيرها على أخلاق مستعملي الواتزاب من الجنسين، فقد وقفت إحدى هذه الدراسات السوسيولوجية على مدى انتشار استعمال الواتزاب بين الشباب، نظرا لأن هذا التطبيق هو مجاني وبدون تكلفة، وأيضا لكونه يعطي لمستعمله الوقت الكافي للتفكير في الرد المناسب بدل الرد المتسرع عبر الهاتف، إضافة إلى ارتباطه المباشر بالأرقام الهاتفية المخزنة في ذاكرة الهاتف، مما يسهّل عمليات التواصل بين المنتسبين لنفس الجيل وبكل حرية عكس الفايسبوك.

لقد خلصت الدراسات من جهة أخرى إلى عدة سلبيات، نذكر منها مثلا شيوع انتشار تبادل الصور الخليعة، كما أن التواصل بالرسائل النصية عن بعد ساهم في تقليص فرص التواصل بطريقة مباشرة وجها لوجه، مما أدى إلى انقطاع خيوط الروابط المباشرة بين الأفراد، والتي كانت عبر الزيارات واللقاءات والمقابلات والتجمعات العائلية، حتى أصبح الأقارب اليوم بعيدون عن بعضهم البعض، تماما كما جاء على لسان المطربة نجاة الصغيرة في أغنية " القريب منك بعيد"، مادام أفراد العائلة الواحدة يتواصلون فيما بينهم  داخل المنزل عبر الرسائل النصية القصيرة.

ومن المؤاخذات على الواتزاب كذلك، كونه دفع بالعديد من مستعمليه إلى درجة الإدمان على الاستهلاك المفرط لخدمات الهواتف الذكية، بحيث أصبح يتملكهم الشعور بالخوف كلما تعذر لديهم استعمال شبكة الإنترنيت، وقد اصطلح على تسمية هذا المرض بمصطلح جديد هو النوموفوبيا (Nomophobia)، وهو اختصار بالانجليزية no-mobile-phone- phobia) (. ويعني الشعور بالخوف وعدم الارتياح نتيجة فقدان الهاتف المحمول أو التواجد خارج نطاق تغطية الشبكة، وأيضا في حالة ما إذا نفذت بطارية الهاتف وهم بعيدون عن أماكن الشحن، ومن ثمة فقدان القدرة على التواصل و استقبال الاتِّصالات. وهذا المرض قد يؤثر على نمط حياة الفرد إذا لم ينتبه إلى عوارضه المتعددة.

ومن عوارض هذا المرض بأن يقوم الشخص بتفقد هاتفه لأكثر من 30 مرة يوميا، وبالتالي عدم امتلاك القدرة على إطفاء الهاتف لمدة طويلة مع تفقد الرسائل النصية والجواب عليها باستمرار وبنوع من الهوَس، بالإضافة إلى التأكد من شحن البطارية باستمرار وعدم القدرة على التخلي عن الهاتف حتى أثناء دخول الحمّام. وهناك العديد من الدراسات التي كشفت مدى ارتباط هذا المرض بالعديد من المشاكل الصحية والاجتماعية، وذلك مثل الآلام التي يشعر بها المدمن على الهاتف في أصابع يده، وآلام الذراعين والكتف وآلام الرأس والرقبة والظهر، بالإضافة إلى العزلة الاجتماعية والخوف من التواصل المباشر مع عدم القدرة على التكيف الاجتماعي.

إنهم أبناء الجيل الرقمي الذين يجدون سعادتهم في المستهلكات من الأشياء التي وجدوها بجانب أسرّتهم، وهذه الأسرة أصبحت مفتوحة على منصّات الدردشات الإلكترونية لعلّهم يغادرون عالمنا وقد كانوا فيه مسجونين بين قضبان الحياة.  

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة