/>head> tags تقويم برامج محاربة الأمية (الجزء الثاني)
U3F1ZWV6ZTM4NzI4NTMzMTQzODI4X0ZyZWUyNDQzMzMwNzU5Njc1MA==

تقويم برامج محاربة الأمية (الجزء الثاني)


تقويم

تقويم برامج  محاربة الأمية (الجزء الثاني)


سنتطرق في هذا الجزء الثاني إلى: 
1. 
اختيار أدوات التقويم.
2. تحليل المعطيات.
3. تقديم النتائج.
4. الخاتمة

    1) اختيار أدوات التقويم. Choix d’outils d’évaluation

تستخدم في عمليات التقويم عدة أدوات، سواء كانت أدوات مستحدثة من النوع الجاهز مقدّما، أو من النوع الذي يعد خصيصا لأغراض التقويم. وعلى المشرفين على التقويم مسؤولية اختيار الأداة أو الأدوات المناسبة والمكمّلة بعضها لبعض، وتدريب المساعدين من الباحثين على طرق استعمالها واستغلالها الجيد لجمع البيانات عن البرنامج.
فإذا كانت مسؤولية الفاحص تنحصر في قراءة مجموعة من التعليمات أو التوجيهات المطبوعة. فإن أي شخص له مستوى تعليمي معين يمكن أن يقوم بها بنجاح. أما إذا كانت الضرورة تقتضي أن تُطرح على المفحوص أسئلة متنوعة 
ومتتابعة، فإن هذا يقتضي قدرا من الخبرة والمهارة والتدريب الخاص كما ذكرنا سابقا. وكيفما كانت نوعية الأداة المستعملة، فعلى الفاحص أن يلتزم بالحياد التام  أثناء عملية تطبيق أداة التقويم، ويتجنّب مدّ يد المساعدة إلى المفحوصين بطريقة مباشرة أو بطريقة خفية، وهذا يحدث كثيرا في مواقف الاختبار الفردي. وفي نفس الوقت، لابد للفاحص من أن يحافظ على العلاقة بينه وبين المستجوب، والتي يجب أن تتسم بالثقة والقبول والاطمئنان. ويمكن تلخيص أدوات جمع البيانات فيما يلي:

أ – الملاحظة: 

وهي وسيلة من الوسائل التي لجأ إليها الإنسان منذ القدم لجمع البيانات عن محيطه ومجتمعه. وتعتمد الملاحظة على استخدام الحواس، وأهما النظر والسمع واللمس. وهنا نميز بين عدة أنواع من الملاحظة.

    - الملاحظة العادية.

وهي التي نستخدمها جميعا في ملاحظة البيئة التي نعيش فيها، أو المتواجدة في مجتمعات أخرى.

   -  الملاحظة العملية.

  وتحدث عن قصد وبصورة منظمة، وذلك مثل ملاحظة سلوك الأميين واستجاباتهم أثناء دروس محو الأمية من جهة، أو داخل الفصول الدراسية في المدارس الابتدائية من جهة أخرى. وتعتبر السجلات القصصية أهم وسائل الملاحظة، وأهم وسيلة لجمع البيانات عن الصغار أو الكبار عند تعرضهم لمواقف سلوكية معينة. ولا زلت أتذكر كيف تمكّن بعض منشطي برامج محو الأمية في مناطق أمازيغية بالمغرب من تفادي التسرب الجماعي من الأقسام، وذلك بتطبيق الملاحظة العملية داخل أقسام النساء، خصوصا في مرحلة تعليم الحروف التي تم تجريدها من الكلمات، وعندما تم شكلها، أصبحت تنطق منفردة، ممّا يثير مسامع النساء ويحرجهن دون علم بعض المنشطين الذين لا يتقنون اللهجة الأمازيغية، وبالتالي لم ينتبهوا إلى الإيحاءات الجنسية لبعض الحروف إلاّ عن طريق تكرار الملاحظة، وتم بالفعل تدارك الموقف، بل ولتفادي ذلك، أصبحت بعض جهات المملكة تتوفر على مناهج دراسية أعدّت خصيصا لكل جهة على حدة.

          - الملاحظة بدون مشاركة.

ويحاول الملاحظ فيها ألا يظهر في الموقف المراد ملاحظته، فقد يختلط الملاحظ بالجمهور المستهدف مثلا أو بالموظفين داخل القسم أو في مكتب رئيسهم، فينصت إلى ما يدور بينهم من أحاديث، وما ينطبع على وجوههم من انطباعات وانفعالات. وتساعد هذه الطريقة في الحصول على إجابات وبيانات صادقة.

       - الملاحظة بالمشاركة.

ويعيش الملاحظ فيها مع الجماعة ويشاركهم بدرجة كبيرة أو قليلة في نشاطهم ومشاعرهم. 
وعلى العموم، تسمح الملاحظة باختلاف أنواعها بتسجيل السلوك وقت حدوثه، فيقلّ بذلك تأثير تحريف الذاكرة، كما تعكس مختلف التأثيرات التي تصاحب وقوع السلوك بصورة حيّة، مع العلم أنها لا تتطلب من الأشخاص موضوع الملاحظة أن يقولوا شيئا وقد يعلمون أنهم موضوع الملاحظة، وبذلك نتجنب أهم عيوب المقابلة وهي الإجابات الاجتماعية والمجاملة وأحيانا الكذب.

ب - المقابلة: 

تستخدم المقابلة في كثير من المهن ( المحاماة- الصحافة والطب) وهي أنواع:

-  المقابلة الفردية أو الشخصية.

   تدور المقابلة الفردية بين شخصين وجها لوجه، وتمتاز بأنها تمنح فرصة أكبر للحصول على معلومات دقيقة، كما يمكن الرجوع إلى المستجوب لاستكمال الإجابات أو تصويب الأخطاء.

    -  المقابلة الجماعية.

   فهي مقابلة عدد من الأشخاص في مكان ووقت واحد، ولكي تنجح المقابلة في الحصول على الحقائق من المستجوب، يتطلب ذلك كسب ثقة المبحوث بواسطة إخباره عن أهداف البحث، والهيئة المشرفة عليه. كما يجب أن نؤكد للمبحوث ضمان السرية التامة للمقابلة حتى نكسب تعاونه ويطمئن قلبه ويدلي بالإجابات الصحيحة على كل ما يطلب منه، ولأجل ذلك، يتم تحديد الإرشادات للباحثين سواء بأداة المقابلة أو الاستمارة على الشكل التالي:
· قدّم نفسك بلطف للمستجوب ووضّح له الغرض والجهة الخ.
· إكسب ثقته للحصول على أفضل استجابة.
· وجّه الأسئلة بطريقة واضحة وبكل احترام.
· إعزل عوامل الثأتير على المستجوب المتواجدة في عين المكان.
غير أن هناك عيوبا للمقابلة أهمها عدم الصدق أحيانا في الإجابات، ويتضح ذلك مرارا عند السؤال عن المدخول اليومي أو الشهري خوفا من الضرائب أو الحسد أو الحرمان من المساعدات والامتيازات. ومنها أيضا عدم قدرة الشخص على الإجابة سواء نتيجة الجهل بموضوع السؤال، أو عدم الإدراك، مما يستوجب المزيد من الإيضاحات التي قد توجه أو تعدّل إجابات المستجوبين.

      ج - الاستبيان أو الاستمارة: 

    وهي وسيلة أخرى من وسائل جمع المعلومات، عن طريق إعداد مجموعة من الأسئلة المتناسقة والشاملة والمتكاملة. ليجيب عليها الأفراد كتابة أو يدونها الباحث في الخانات المناسبة. وتتكون الاستمارة عادة من أربعة أجزاء هي:

الجزء الأول.

ويتضمن ملخصا عن الدوافع والأهداف المنتظرة من التقويم، وذلك لإثارة اهتمام المستجوب وحثه على التعاون. وإذا لم تتوفر بعض الاستمارات على هذا الجزء، فيتكفل الباحث كما أسلفنا بتقديم الأهداف والغرض من الاستمارة.

الجزء الثاني.

يحتوي على أسئلة ثانوية خاصة بذات وصفات المستجوب، كالاسم والسن والحالة العائلية والمستوى التعليمي ومحل الإقامة وغيرها.

الجزء الثالث.

يتضمن الأسئلة الرئيسية اللازمة للبحث لأجل تحقيق الغرض من البحث. وتوضع هذه الأسئلة حسب شروط معينة سنذكرها فيما بعد.

الجزء الرابع.

يشتمل على شرح وتوضيح لبعض الرموز أو بعض التعليمات الخاصة بالباحثين، وذلك لضمان صحة الإجابة، وتوحيد طريقة الجمع وتسهيل المراجعة.
       أما بخصوص الأسئلة، فيجب أن تتميز بما يلي:
- يجب أن تكون واضحة وسهلة.
- يجب أن يكون عددها معتدلا ومرتّبة ترتيبا منطقيا.
- يجب ألا تثير الغضب أو الاشمئزاز، أو تمس بشخصية وكرامة المستجوب.
     ومن حيث نوعيتها فهي كالتالي:

    - الأسئلة المفتوحة: 

وتقوم على أساس أن نعطي المستجوب الحرية في الإجابة عن هذه الأسئلة بألفاظه هو.

    - الأسئلة المغلقة:

وهي التي تحدد فيها الإجابات مقدّما، ويطلب من المبحوث أن يختار الإجابة التي تتفق ورأيه الشخصي.

   - الأسئلة القمعية: 

وهي أسئلة للتعمّق مثل سؤال: هل تسمع برامج الراديو؟ إذا كان الجواب بنعم فيكون السؤال الموالي هو: ما هي البرامج التي تفضّلها؟، ثم يسأل من جديد عن سبب تفضيله لكل برنامج يذكره.

    - الأسئلة الإسقاطية:

وهي كسؤال أفراد العيّنة عن المهنة التي يفضلونها لأولادهم، ويقصد بها الكشف عن اتجاهات المستجوبين أنفسهم.

2) تحليل المعطيات. L’analyse des données

لقد كانت عملية تحليل المعلومات والبيانات في ما مضى تأخذ وقتا وجهدا كبيرا. أما اليوم، وبحكم استغلال الإمكانيات التي تتيحها برامج الإعلاميات، فيمكن اختصار الوقت والجهد، وتخريج مختلف المعطيات في أحجام وأشكال ورسومات متنوعة، كالجداول الإحصائية والرسوم البيانية والأشكال الهندسية. والأهم في هذه المرحلة هو استنتاج الخلاصات، واستخراج الملاحظات لمحاولة الإجابة على الأسئلة المتعددة المتضمنة في موضوع التقييم، وتقديم الدليل على ذلك في صورة تحليل إحصائي، وإخضاع النتائج لاختبارات إحصائية أخرى، أو مقارنتها مع تحليل التقارير والخلاصات النهائية لهذه المرحلة للوصول إلى نتائج أفضل.

3) تقـديم النتائج. Présentation des résultats

لهذه المرحلة أهميتها القصوى لكونها منتظرة من طرف المسؤولين، ولأنها تتضمن النتائج النهائية لعملية تقويم برامج محو الأمية. ولأجل تقديم هذه النتائج إلى الهيئات الوطنية التي طلبت إجراء التقويم أو الهيئات الدولية، هناك ثلاثة طرق لعرض النتائج وهي:

   - الطريقة الشفوية: 

  وتتمثل في عملية تقديم الخلاصات والنتائج الأولية للبحث من طرف الباحثين أمام المسؤولين في الهيئة أو الوزارة التي طلبت التقويم. وتتسم هذه المداخلة بالاختصار الشديد مع التركيز على أهم المعطيات والنتائج المترتبة عن عملية التقويم. وقد تكون عملية التقديم الشفوي هاته سابقة لعملية طباعة التقرير الكتابي النهائي. ولا شك أن لهذه الطريقة ميزة حسنة تتمثل في استفادة الباحثين من ملاحظات واستفسارات اللجنة، وبالتالي من الممكن تضمين هذه الاقتراحات والملاحظات في التقرير الختامي، وبذلك يكون الباحثون قد استجابوا لبعض الحاجات الطارئة أو التي لم يتم طلبها في  المراحل الأولى، ومثل ذلك حاجة الجهات المعنية لنوع محدد من الإحصائيات أو الإسقاطات.
كما أسلفنا في الأول، من الضروري أن يتضمن التقرير الشفوي الموجز، مقدمة تبرز أهداف التقويم وتتضمن أيضا الإشارة إلى الطرق المستعملة والأدوات الموظفة في التقويم، ثم المناطق التي أجري فيها البحث 
. والفئات المستهدفة 

   - التقديم السمعي البصري: 

    وتتلخص هذه الطريقة في تقديم مختلف الإيضاحات بواسطة وسائل الإيضاح المصورة، كالشفافات (Les transparents) والصور الثابتة (Diapositives) لتدعيم العرض الشفاهي، أو تقديم الأفلام التي تم تصويرها في بعض المناطق، لتقريب الملاحظين من مواقع إجراء البحث والتقويم. كما يمكن عرض الأشرطة المسجلة والمتضمنة مثلا لشهادات بعض الفئات، أو تنقل محتوى ومضمون المقابلات الفردية أو الجماعية وغيرها من أنشطة لجنة البحث والتقويم التي تدعم الطريقة السمعية البصرية وتكسبها المصداقية والأمانة العلمية.

          - التقرير المكتوب: 

   ويتضمن المدخل العام، حيث تتم الإشارة فيه إلى الإطار العام الذي أجري فيه التقويم لبرنامج محو الأمية، والفلسفة والمنطلقات المعتمدة، والأهداف والوسائل، بالإضافة إلى عرض الإحصائيات الرسمية لآفة الأمية، وتقديم الهياكل المشرفة على تخطيط وتنفيذ وتتبع هذه البرامج، سواء على الصعيد المركزي أو المحلي، وكل المعلومات المتعلقة بالبرنامج.

بعد المدخل العام، تأتي الفصول المرقّمة والمعنونة بطريقة مدروسة، بحيث يتضمن كل فصل مقدمة صغيرة، وجرد للمعطيات في جداول حسابية وإحصائية معززة بالنسب المئوية موضحة الفروق في الأعداد والنسب عبر السنوات، وحسب السن والجنس والمستوى التعليمي. كل هذه المعطيات تمكّن القارئ من إجراء ما يسمى بالتحليل البصري الذي يؤدي إلى تكوين فكرة أو موقف، ويعكس مدى تقدم أو تأخر البرامج من الناحية الكمية والكيفية. بعد ذلك يتم ترتيب المشاكل حسب الأهمية، كما يتم تصنيفها إلى مشاكل بيداغوجية أو إدارية تنظيمية أو مالية إلى غير ذلك.

وتأتي أهمية التقرير الكتابي لعملية التقويم بالإضافة إلى كونه يحمل الحصيلة والنتائج المنتظرة، كونه يساعد الباحث على تنظيم المعطيات وترتيبها، كما يمكّن العملية التقويمية ككل من التواصل مع الآخرين عن طريق الإطلاع عليها وحفظها. ومن المستحسن أن يتضمن التقرير في ختامه ملحقا توثيقيا تتم الإشارة فيه لمصادر المطبوعات والتقارير التي تم اعتمادها كمراجع، ثم نماذج من الوسائل والأدوات المستعملة كالاستمارة مثلا. كما يتضمن هذا الملحق أسماء ومهام المساهمين الذين ساعدوا فريق البحث و الجهات الإدارية كذلك.

أمّا بالنسبة لغلاف التقرير، فلابد من مراعاة وجود عنوان للدراسة التقويمية، ثم أسماء الباحثين والجهات التي ينتمون إليها، كالجامعات والهيئات العلمية الأخرى الوطنية أو الدولية، وطبعا تاريخ النشر.

    4) الخاتمة:

  في أخر المطاف يمكن أن نقول بأنه لا يمكن إجراء بحوث أو غيرها من عمليات تقويم لبرامج محو الأمية وتعليم الكبار، إلا حينما تتوفر الأعداد الكافية من الباحثين المدربين مع وجود نظام جيد للتمويل، وأيضا حينما تقتنع مختلف الهيئات الموكول إليها برامج محو الأمية بضرورة إحداث وحدات خاصة للبحث والتقويم بطريقة منتظمة ومستمرة، وذلك لتجاوز مبدأ ربط التقويم باختبار الدارسين لقياس الإنجازات والاتجاهات، وذلك بغية الوصول إلى تقويم يهتم بقياس فعالية وكفاءة برامج محو الأمية وتعليم الكبار، وتتفرّع عنه مجموعة متنوعة من الموضوعات والقضايا مثل تقدير الحاجات وتقويم الموظفين واختبار الانجازات وتقويم المؤسسات والتنظيم الإداري، إضافة لتقويم الأثر L’évaluation d’impact) ثم تقويم فعالية الكلفة إلى غاية الوصول إلى تحقيق مبدأ التقويم الذاتي. 
                                             
                                    تم بحمد الله وشكرا على المتابعة.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة