/>head> tags أنت والنجوم
U3F1ZWV6ZTM4NzI4NTMzMTQzODI4X0ZyZWUyNDQzMzMwNzU5Njc1MA==

أنت والنجوم

حظك مع الأبراج

أنت والنجوم

في زحمة الحياة التي تركض حولنا، فيما هو جالس يكدّس أحلامه كالعاضّ على الأصابع، تذكّر عيد ميلاده حينما وقعت عينه على مجلة تضم إحدى صفحاتها رسومات خاصة بالأبراج، توقف عندها وتطلّع إليها لعلهّا تحقن في أضلاعه حقنة من الأمل، ولربما تقضي على البؤس المفضي إلى بوابات الاكتئاب، لأنه أصبح لا يثق في الأيام عكس بقية الخلق.

لقد وجد أنه ينتمي رغم أنفه وفمه إلى برج الحمل، لكونه من مواليد الفاتح من شهر الكذب أبريل، والحمل في الصورة، هو خروف لا يحرسه كلب ولا يراقبه راعي. قرأ بتؤدة كل ما قالته النجوم المذنّبة والمجنّحة، فوجد أنها صنّفت حالته الاجتماعية في خانة كل شيء على ما يرام، ونصحته بأن يتصرف بهدوء، وألاّ يتسرع في إنجاز عملية مالية أو استثمارية قادمة، وأن يكون مقتصدا في نفقاته.

ابتلع ريقه وقطب ما بين حاجبيه، فتملّكته الدهشة إلى حين، فهو أعلم منها بحاله ومآله، وقد يلتمس لهذه الأبراج والنجوم العذر لكونها لا تطلع علينا إلا ليلا، فبحكم أنه ينتمي إلى الذين امتلأت حياتهم بالخيبات، ليس في وسعها أن تراه في واضحة النهار وهو يدفع آخر كل شهر نصف مرتّبه مقابل كراء البيت، ونصف الباقي لمصاريف المعيشة، ونصف ما تبقّى لفاتورة الهاتف والماء والكهرباء، عندما تقترب المواعيد السنوية كالأعياد ورمضان والدخول المدرسي، تنقلب الموازين من عاليها إلى سافلها، ولن ترجع المياه إلى أوانيها المكسرة.

وماذا قال برجه عن العواطف، لقد بشره بأن هذه السنة ستكون الأكثر روعة في مجال العواطف والعلاقات، لأن كوكب جوبيتير سيتناغم مع فينوس الذي سيستقر ثلاثة أشهر في برجك، فعليك انتظار عدّة علاقات رومانسية أو باريزية عندما ستقبل دعوة مرتقبة وتحضر سهرة صاخبة، ثم أحاله على برج العذراء الذي سيتعاطف معه مثل واو العطف، وذلك حسب التأثيرات الفلكية المعاكسة.

نفث دخان سجارته الرخيصة، وعلت وجهه شبه ابتسامة خبيثة، وهو يقول في نفسه، لو علمت الأبراج كلّها أن له شريكة في الحياة تنتسب إلى برج العقرب لهرب الجدي وتبعه الحمل وافترق التوأمان.

وفي ما يخص الحالة الصحيّة، انتابه شعور بالدهشة الممزوجة بعدم الارتياح حينما نصحه هذا البرج بالمواظبة على الحمية، وغضّ الطرف عن (طرف الخبز)، وربما هو صادق هذه المرة، وكأنه يعلم أن في بيته طنجرة للضغط طريحة الفراش لمدة غير محدودة، بحيث أنها لم تعد تشعر بالحرارة من تحتها وفي ذلك راحة للجيران من صفارتها الصباحية المزعجة.

فكر في أن يتنازل طوعا عن هويته الفلكية وقرر أن ينسلخ من جلده ويلبس جلدا آخر لتصديق رغباته وإراحة باله، فحوّل عيد ميلاده إلى أبراج أخرى ينتقل بينها بعينيه، ويتوسّل فيها السعادة والصحة والجاه والغنى.

لقد انتابه شعور بالدهشة الممزوجة بالارتياح، فهل يجرّب حظّه مرة أخرى مع برج السرطان وهو يعلم أن الوقاية خير من العلاج؟ وهل يدّعي أنه أحد التوأمين؟ وهل يقدم طلبا للانتماء لبرج الحوت أو القوس أو الجوزاء ؟ أوالأسد أو الثور؟ وهل يعمد صاحبنا مستقبلا إلى قلب الطاولة وفنجان القهوة؟

لا هذا ولا ذاك، لأن هذا زمن تتحدث فيه الأبراج عن الغيب، فتجد بيننا من يهزّون لها الرأس كرقاص الساعة، تسوق الكذب وترعاه كمن يرعى الغنم، فبرج السرطان كبرج الدلو في يد العذراء قرب الميزان، وكقراءة الكف أو كقلب الفنجان، كذب وزور وبهتان.

ملحوظة: لن أزيد في الكلام عن قراءة الأبراج، فلقد تذكرت أن الأسماك تصل إلى موتها من خلال أفواهها.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة