/>head> tags الأبواب والنوافذ المغربية
U3F1ZWV6ZTM4NzI4NTMzMTQzODI4X0ZyZWUyNDQzMzMwNzU5Njc1MA==

الأبواب والنوافذ المغربية

 

الأبواب والنوافذ المغربية

باب مغربي



الباب كحاجز خشبي أو حديدي نسد به المدخل، ونقف أمامه كأننا نطلب الإذن بشتى الوسائل للسماح لنا بالدخول، فقديما كانت أبوابنا جزءا من فن العمارة، وكنا نطرق الأبواب الخشبية لبيوتنا التقليدية بواسطة دائرة من حديد فارغة كالخاتم، أو عن طريق يد مجسمة على شكل كف مضمومة خماسية الأصابع كأنها تمسك الفراغ، نقشت على الحديد أو النحاس، لتعوّض أصابعنا الطرية، وتعفينا من عناء وألم طرق الباب الخشن.

وانطلاقا من الوهم الجماعي، والاعتقادات الاجتماعية التي سادت ثم بادت، علقت على أبوابنا القديمة تمائم وتعويذات لحفظها من الحسد ومن العين التي لا تصلي على النبي، كصفيحة الفرس أو حذوة الحصان أو (الخميسة)، التي تمثل صورة الكف البشرية بأصابع منتصبة للأعلى في مواجهة مستوى النظر مباشرة، يتم تعليقها عند مداخل بعض البيوت والمتاجر التي يخاف أصحابها من العيون العسلية، ومن العيون التي لا تصلي على النبي (ص)، ويحسبها الجميع أن لها نفس مفعول العبارات المكتوبة في مداخل المتاجر، وخلفيات السيارات من قبيل: "ما شاء الله" و"عين الحسود فيها عود" و "إن هذا من فضل ربي" وغيرها.

لقد كان لطريقة طرق الباب الخشبي دلالة على هوية الطارق، فلعدد مرا طرق الباب رموز وإشارات متفق عليها بين الزائر وأهل البيت، لقد كانت بمثابة رمز أو (كود) سرّي يتم به التعرّف على الوافد الجديد، وأمّا الدقات العشوائية، فيتم التعامل معها بالسؤال المتداول في الدارجة المغربية كقولنا: (شكون؟) وأظن أنها جمع مركب من كلمتين هما ( آش تكون) أي من تكون، فإذا كان من المقربين فسيجيب بـ (قريب)، أما البعيد، فيتم التعرف عليه من خلال إسمه، أو بواسطة النظر إليه عبر فتحات نافذة فوق الباب مباشرة محاطة بشباك من خشب، بحيث يتمكن سكان البيت من خلاله من رؤية الطارق ومن معه، وبالتالي قد تطول مدة الوقوف خلف الباب في انتظار النزول من برج المراقبة.

أما اليوم، فـالكف المضمومة المعلقة على الأبواب، فلا مكان لها في واجهة أبوابنا العصرية، وقد تم تعويضها بجرس كهربائي له رنات عديدة، مقتبسة من أصوات تحيلنا على جملة عربية لم نكتبها منذ سنوات خلت وهي زقزقة العصافير.

 ومن الناس من يستعمل جرس الباب للتواصل مع الطارق صوتياً ومرئياً، بحيث أصبح بالإمكان التحدث معه دون النظر في ثقب الباب ، كما زوّدت الأبواب العصرية في العمارات بثقب حديدي، وهو عين سحرية أو عين الثور بالفرنسية  L’œil de bœuf  ) (ليتعرّف من في الداخل على الزائر دون أن يراه. كما يمكن إفشال مهمتها ودورها التجسسي أحيانا أخرى، عندما تنطفئ المصابيح الكهربائية القديمة التي تضئ أبواب المنازل، لأنها غير مزودة بالمجسّات الحديثة، التي عندما تستشعر تحرك الزوار أمام الأبواب، توقد المصابيح تلقائيا لمدة محددة.

ومن الزوار من يضع بصمة أصبعه على رموش العين السحرية ليحجب الرؤية على من في الداخل، ويترك من في البيت في حيرة، فيكرر السؤال بعد السؤال. كما نلاحظ مع كامل الأسف، بروز الإشارات الأمنية على أبوابنا في زمن يداهمنا فيه الخوف في كل يوم، فأصبحت منازلنا عبارة عن زنازين حقيقية، تلتصق في داخلها أربعة أقفال متنوعة الأشكال والأنواع بترتيب عمودي، تساندها أيضا سلسة قصيرة المدى تمكننا من فتح الباب ليس على مصراعيه، بل فقط للنظر في وجه الطارق من جهة، وللحيلولة دون أي اختراق أو مداهمة غير متوقعة.

ومن الخارج، أضيفت لأبوابنا الخشبية أبواب أخرى حديدية شبه مصفحة، لانعدام الأمان وفقدان الثقة في الخشب وفي البوّاب وفي باب العمارة، الأمر الذي جعل من هذه الأبواب الحديدية تجارة مربحة لصنعة الحدادة التقليدية، كما أصبح الإقبال متزايدا على أبواب مستوردة ذات  أشكال متطورة ومكلفة، تمثل بدائل وخيارات متعددة متاحة أمام المستهلك، لتساهم في إبراز شخصية كل منزل وقياس الحالة الاقتصادية لساكنيه، وكذلك الأمر بالنسبة لشبابيك النوافذ والشرفات الخارجية، التي لم تعد منفذا للهروب في حالة الطوارئ، لكونها مسيّجة بالحديد كأقفاص الحيوانات.

وأخيرا، عمت ظاهرة نصب الكاميرات لمراقبة الدخول والخروج، مع تعليق تنبيه يخبر الزوار بأن المكان مراقب، ومن لم يستطع، فيقوم بشراء كاميرا معطلة لوضعها فوق الباب، لعلها ترسل إشارة إلى الغرباء بعدم المغامرة.

  وبما أن جميع الأبواب عندنا أصبحت بدون عتبة، فرشت أمامها سجّادات عصرية مستطيلة كتب عليها (welcome) عوض مرحبا بكم أو أهلا وسهلا، والغريب في الأمر والمضارع، كون بعض الناس من يقرأها حرفيا بويلكم، وهي تحية جديدة لا خير.

 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة