/>head> tags الأسس العملية لبناء مناهج محو الأمية. (الجزء الثاني)
U3F1ZWV6ZTM4NzI4NTMzMTQzODI4X0ZyZWUyNDQzMzMwNzU5Njc1MA==

الأسس العملية لبناء مناهج محو الأمية. (الجزء الثاني)

 

                                                      الأسس العملية لبناء مناهج محو الأمية  (الجزء الثاني)                                            

مناهج محو الامية
سنتطرق في الجزء الثاني إلى ما يلي:

ثالثا: منهجية إعداد الكتب
1)  الشروط الواجب توفرها في الكتاب
2)  الشروط الواجب توفرها في المؤلف
أ‌) الجانب البيداغوجي
- إدراك مفهوم القراءة
- التعرّف والفهم
- معرفة طرق تعليم القراءة
ب‌)  الجانب التقني
3)  مضامين المادة التعليمية
أ‌) الأهداف
ب‌) المجالات
ج‌) الأدوار والكفاءات
4)  أشكال المضامين
أ‌)  الشمولية
ب‌) التدرج
ج‌) الرسومات
 د‌) التكرار
هـ) التنوع
5)  طرق الصياغة

ثالثا: منهجية إعداد الكتب.

    لقد تبت قصور الأساليب التقليدية في المواجهة الشاملة لآفة الأمية، فأصبح الأمر يتطلب ضرورة الأخذ بالأسلوب العلمي في مواجهتها، ويتمثل ذلك في تصميم الخطط وإعداد الأطر العاملة في هذا المجال، والاستفادة من المعطيات العلمية والتقنيات الحديثة لتطوير طرق ومضامين المواد التعليمية المقدمة للأميين.
إن المادة التعليمية الملائمة هي من أهم عوامل النجاح في تعليم القراءة والكتابة، وربما كان إقبال كثير من المتعلمين على الدراسة في فصول محو الأمية أو انقطاعهم عنها بعد وقت قصير، ربّما كان سبب ذلك ضعف المحتوى التعليمي الذي يقدّم لهم، وجفاف المادة التعليمية وافتقارها إلى ما يحرّك إمكانات المتعلمين، وما يستجيب لحاجياتهم النفسية وطموحاتهم المستقبلية. فالكتاب الدراسي كثيرا ما يتأثر بالأهداف والأغراض التي ينشدها المؤلف أو المؤلفون من تعليم الأميين.
لأجل تلافي ذلك، هناك شروط تربوية أساسية يجب احترامها أثناء إعداد المناهج التربوية لمحو الأمية وهي قسمين، الأولى تتعلق بالكتاب الدراسي، والثانية تخص المؤلف أو المؤلفين.

1)  الشروط الواجب توفرها في الكتاب.

أ) أن يوضع الكتاب الدراسي بطريقة تسمح بتزويد المتعلمين بالمهارات والقدرات، وينمّي لديهم المعلومات والاتجاهات التي تمكنهم من الاشتراك الفعلي عن طريق القراءة. هذا الاشتراك الذي يفرضه المجتمع على المتعلمين من الأميين كقراءة الصحف والمجلات وكتابة الرسائل والأوراق الإدارية والعناوين ودفاتر أولادهم وغير ذلك من وسائل التواصل.
ب) يجب أن يتضمن الكتاب مفهوما واسعا ومتنوعا في مجال القراءة، بحيث يشتمل على التعرف على الكلمات والمفردات اللغوية في دلالاتها المختلفة وفي معانيها، مما يتيح إمكانية إبداء الرأي، وتقديم الملاحظة والتفاعل مع المقروء، واستخدام الأفكار المكتسبة في التغلّب على مشكلات الحياة وتطوير الشخصية.
ج) يجب أن تتماشى طريقة تأليف الكتاب مع طبيعة عملية الإدراك لدى المتعلم الكبير التي تسير من الكل إلى الجزء، وذلك بالبدء بالجمل والكلمات، ثم الانتقال إلى المقاطع والحروف، بالإضافة إلى التمارين المتنوعة لتدريب المتعلم على معرفة الجمل والكلمات والتراكيب والربط.
لأجل ذلك، تعد مرحلة اختيار المؤلفين في مجال محو الأمية جد هامة، لما لها من انعكاسات سلبية أو إيجابية على برامج محو الأمية.

2) الشروط الواجب توفرها في المؤلف.

أ‌) الجانب البيداغوجي:
-  إدراك مفهوم القراءة. 
يشترط في كل من يتصدى لإعداد كتب المرحلة الأولى من محو الأمية (الأساس) على سبيل المثال، أن تتوفر فيه عدة شروط، مصدرها هو الإطلاع على أحدث ما وصلت إليه الدراسات والبحوث العلمية في هذا المجال. ذلك أن مفهوم القراءة شهد في العقد الأخير من هذا القرن، عدة انتقالات هامة. فقد بدأ في مستهل القرن كنشاط بسيط يتلخص في إدراك الكلمات ونطق أصواتها، أمّا فهم معنى الكلمة أو الفقرة فكان يعتبر نشاطا خارجا عن القراءة، بعد ذلك تطور المفهوم وارتبط بدراسة القراءة الصامتة ومقارنتها مع القراءة الجهرية، ثم انتقل المفهوم إلى دراسة الأفكار الرئيسية والفرعية أي الصريحة أو الضمنية، وفي المرحلة الثالثة انتقل المفهوم إلى استخدام الأفكار المكتسبة في حل المشكلات اليومية.
   - التعرف والفهم. 
بالإضافة إلى إدراك المفاهيم المتجددة للقراءة، ينبغي أيضا أن تتوفر لدى المؤلف ميزة التعرف على الحروف والكلمات والجمل والتراكيب وخصائص الكتابة العربية، ذلك لأن أشكال الحروف في أول الكلمة وفي وسطها وفي آخرها تختلف فيما بينها، حسب المجموعات التي تنتمي إليها. فالمجموعة الأولى تتكون من الحروف التي لا يختلف شكلها سواء وقعت في أول الكلمة أو في وسطها أو في آخرها وعددها ثمانية هي: ا – د – ذ – ر – ز – ط – ظ – و . والمجموعة الثانية تتخذ حروفها شكلان في أول الكلمة وفي آخرها وعددها سبعة عشر وهي: ب – ت – ث – ج – ح – خ – س – ش – ص – ض – ف – ق – ك – ل – ه – ن – ي .
 أمّا المجموعة الثالثة والأخيرة فلحروفها أربعة أشكال حسب موقعها في الكلمة وحسب اتصال الحروف بها وعددها ثلاثة وهي: ع – غ – هـ . ونضرب مثالا بالعين في الأشكال الأربعة:  ( ع - ـعـ - ـع – ع ).
  بالإضافة إلى ميزة التعرف، هناك عنصر الفهم، ونقصد به أن  يتوفر المؤلف على مفاهيم تخص محتويات المادة التعليمية، ويتعلق الأمر مثلا بفهم معنى الجملة، الأفكار الصريحة، موضوع الفقرة، الأفكار الضمنية، الفكرة الرئيسية الخ.
-  معرفة طرق تعليم القراءة.
إن كل مؤلف أوكلت إليه مهمة إعداد المواد التعليمية في مجال محو الأمية وتعليم الكبار، لابد أن يتّبع طريقة معينة لتعليم القراءة، تمكنه من بلوغ الأهداف المرجوة، سواء تعلق الأمر بتكوين المهارات والعادات، أو للاستعمال الوظيفي في مجالات الحياة. وسوف نتعرض في هذا الجزء لأهم طرق تعليم القراءة.

· الطريقة الجزئية: 
ويتلخص تعريفها في كونها تبدأ بتعليم الدارس أجزاء الكلمة أي الحروف الهجائية، بأسمائها وأصواتها. وسميت كذلك بالتركيبية لأنها تبدأ بتعليم الحروف ثم تنتهي إلى الكلمة ثم تركيب الجملة من كلمات.
· الطريقة الكلية: 
وتبدأ بتعليم الدارس الكلمة أو الجملة أو النص، أي أنها تبدأ بوحدات كلية. وسميت كذلك بالتحليلية لأنها بعد أن يتعلّم الدارس الكلمة، يقوم بتحليلها إلى حروف، أي الانتقال من الجملة إلى الكلمة ثم إلى الحروف، وفي الأخير إلى تكوين كلمات أو جمل أو نص أو قصّة من الحروف التي تعلّمها.
لكل من الطريقتين مزايا وعيوب كما يلي:
ü     مزايا الطريقة الكلّية.
 o إنها تتماشى مع طبيعة الإدراك عند الإنسان لكونه يدرك الكل قبل الجزء أي قبل التفاصيل.
 o إنها تساير نتائج الأبحاث الفيزيولوجية عن حركة العين، أي الوقفة والقفزة أثناء القراءة. فأثناء الوقفة ترى العين كمية من المادة المكتوبة وليس حرفا واحدا. أما أثناء القفزة فالعين لا ترى شيئا بدقة لشدة السرعة. ( ولقد شرحنا ذلك بالصور في المداخلة الخاصة بطرق تعليم الكبار الموجودة في هذه المدونة).
o إنها تشعر الدارس بأنه يقرأ مادة لها معنى وليس حروفا بلا معنى، مما يجعل الهدف من القراءة هو البحث عن المعنى لا عن الألفاظ.
ü عيوب الطريقة الكلّية.
o تتطلب وجود معلمين أو منشطين يراعون أصولها من حيث التكرار للألفاظ والتدريب على القراءة.
o إنها تحتاج إلى تمرينات إضافية من المعلم.
ü مزايا الطريقة الجزئية.
o تساعد الدارس على النطق بالكلمات نطقا سليما.
o هي طريقة محببة عند المعلمين.
o لا تحتاج إلى الوسائل المعينة.
ü عيوبها هي مزايا الطريقة الكلية.
نظرا لهذه العيوب في هذه الطرق، ظهرت الحاجة إلى طرق جديدة، تجمع مزايا الطرق السالفة الذكر. وفعلا اتجه تعليم الكبار إلى استعمال طريقة جديدة هي:
· الطريقة التوليفية:
وتتوفر على المزايا التالية:
ü   مسايرتها لنتائج الأبحاث العلمية في مجال الإدراك أو القراءة البصرية.
ü   الانتقال من الكل سواء كان كلمة أو جملة إلى الحروف.
ü   استخدام الحروف في تركيب الجمل والكلمات.

ب‌)  الجانب التقني:
بالإضافة إلى الجانب البيداغوجي الواجب توفره لدى المؤلفين، هناك ضرورة الإلمام بالجانب التقني، ونقصد به الإخراج الذي يجب أن تراعى فيه عدة شروط يمكن تلخيصها فيما يلي:

-  اشتمال الكتاب على صور.
 لأنها تساعد الدارسين على التعرف على الكلمات والجمل، كما تحفّزهم على قراءة النص. ولكي تلعب الصور دورها التعليمي، يجب أن تشتمل على العناصر التي تمثّل المعاني التي يتناولها النص، كما يجب ألا تكون مطابقة حرفيا للنص، لأن ذلك يجعل الدارس يستغني عن قراءة النص بقراءة الصورة. كما أن الصور التي تجسّد وجوه البشر يستحسن أن تنظر إلى داخل النص لا خارجه. أمّا مسألة الألوان في الصور، فلا زال هناك خلاف حول قيمتها التعليمية.

-   بُنط الكتابة.
 أي حجم الحروف، ويستحسن أن يكون البُنط في الكتب الأولى أكبر من البنط الذي يُستعمل عادة في المواد التي يقرؤها الكبار في الحياة اليومية، مع مراعاة استخدام المسافات المعتادة سواء بين السطور أو الكلمات.

-  الشرط الثالث ويتصل بحجم الكتب.
 أي الاختيار بين كتاب الجيب أو الكتاب المتوسط أو الكبير. وعلى سبيل المثال، لاحظنا في العديد من المناطق المغربية عدم تقبل الرجال لكتب محو الأمية المتوسطة الحجم، بحيث يعمدون إلى إخفاءها عن الأنظار خوفا من ردة فعل الصغار.

3) مضامين المادة التعليمية.

أ‌)  الأهداف.
بعد استعراض مختلف المراحل التي تقطعها كتب محو الأمية، نصل إلى المرحلة الأخيرة وهي وصول هذه الكتب إلى أيدي المستفيدين من برامج محو الأمية وتعليم الكبار وهي تحمل مضامين ومواد تعليمية، يمكن الحكم عليها أو لها من خلال تطبيق المعايير السالف ذكرها، مع مراعاة الأهداف التي ينتظرها كل من ساهم في إعداد المادة التعليمية، وأهمها الوصول بالدارس إلى مستوى يمثل الحد الأدنى الذي يجب أن ينتهي إليه المتعلمون.
ولقد حدّد هذا المستوى عبر المقاييس الجاري بها العمل في العديد من الدول والتي نلخصها فيما يلي:

-  قراءة صفحة من صحيفة يومية بطلاقة وفهم بشرط أن تكون الكتابة بخط متوسط أو كبير.
- التعبير الكتابي عن فكرة أو أكثر تعبيرا واضحا.
- إجراء العمليات الحسابية الأربع.
- إدراك العلاقات الاجتماعية والمعاملات الإنسانية.

ب‌)  المجالات.
يشتمل مضمون كل كتب محو الأمية غير الوظيفية على عدة مجالات تهم الحياة بصفة عامة، كما تنقسم إلى عدة مواضيع في المجال الواحد. وتهدف إلى إكساب المتعلمين العادات الجيدة والمعاملات الحسنة، وتزويدهم بالمزيد من المعلومات والمفردات في مجالات الدين والأسرة والتربية على المواطنة والحقوق والواجبات وغيرها.

ج) الأدوار والكفايات.
يمكن النظر وتحليل مضمون المادة التعليمية وفق نموذج الأستاذ '' مالكوم " (Malcolm Knowles) المتخصص في تعليم الكبار في الولايات المتحدة الأمريكية، كما ورد في كتابه بعنوان (الممارسة الحديثة في تعليم الكبار).
مالكوم


ملخص هذه النظرية هو كون الإنسان يمكن أن يؤدي عدة أدوار في الحياة، من خلال المادة التعليمية المقدمة إليه في أقسام محو الأمية، والتي من أغراضها تطوير الكفاءة لتأدية الأدوار التي تتطلبها الحياة. من هذه الأدوار ما يلي:

الأدوار
الـكــفاءات
متعلّم
القراءة  الكتابة  الحساب  المفاهيم.
له شخصية
تحقيق الذات  إدراك الهدف  التعبير.
صديق
المحبة  التعاطف  الإصغاء  التعاون  المشاركة.
مـواطـن
الاهتمام  المشاركة السياسية – الحس الوطني.
عضو في الأسرة
المحافظة على الصحة  تحمل المسؤولية  تنظيم الأسرة  الواجبات.
عـامل
التخطيط  الادخار  الاستثمار  التدبير.

4) أشكال المضامين.


إن نوعية المجالات والموضوعات يجب أن تخضع للمعايير التي سبق ذكرها عند إعداد المواد التعليمية والتي رتبناها على الشكل التالي:
- الشمولية:
ويقصد بها تنوع المواضيع في المجال الواحد، لتغطية أكبر قدر من المعارف والمهارات والتجارب والمفاهيم التي يتضمنها المجال المعرفي.
- التدرج:
ويقصد به إدخال أقل عدد من الكلمات الجديدة في كل درس، مع رفع وتيرة إدخال الحروف والكلمات كلّما تقدّم المتعلّم في دراسته.
- الرسوم والصور:
أما من حيث الاستعانة بالرسوم والصور التوضيحية، للتشويق وتثبيت الحس الإدراكي والبصري، فهي جديرة بالملاحظة، بحكم تواجدها في مختلف المجالات والمواضيع، وبقياسات معينة وبالألوان. ولقد بلغت وتيرة دعم النصوص بالصور من 5 إلى حدود 9 صور.
- التكرار:
أمّا بخصوص مبدأ التكرار الذي يعتبر من بين العوامل المساهمة في التأثير على الذاكرة المعرفية للمتعلم، سواء من حيث الألفاظ أو التراكيب أو المعاني، فلا بأس من الزيادة من عمليات التكرار في النص الواحد، سواء تعلق الأمر بالحروف أو الكلمات أو الجمل باستعمال الطريقة الأفقية والعمودية.
- التنوع:
ويشمل العديد من المواضيع الاجتماعية والاقتصادية والصحية والسياسية والدينية، والتي تضفي على المنهج صبغة الشمول التي تعبّر عن مواقف شبيهة للواقع الذي يلمسه الفرد من خلال حياته اليومية.

5) طرق الصياغة.


يفترض في كتب محو الأمية أن تكون موادها التعليمية مصاغة بمختلف أوجه صياغة النصوص التعليمية، وذلك أخذا بالاعتبار نوعية مواضيع النصوص البيداغوجية. فمن أنواع صياغة النصوص نذكر الحوار، الأمثال، الطرائف الشعبية، السرد الوصفي، النوادر، الأدب الشعبي، القصيدة القصيرة، الرواية المركزة، الأشعار وغيرها. ويجب أن تستخدم بصورة متكاملة، لأن الأمي يتعلّم ليقرأ، وليس كغيره من المتعلمين يقرأ ليتعلّم، ومن تم، لابد من استخدام مختلف هذه الأساليب أو طرق العرض في المواضيع والمجالات المتعددة، لأن لكل منها مميزاتها وخصائصها وفعاليتها في جذب اهتمام المتعلم، وتمكينه من المادة التعليمية، على أن الاتجاه السائد حاليا يتجه نحو توظيف طرق الحكاية أو الرواية أو الحوار، مع التركيز على طريقة القصة التي كما هو معلوم بلغ أسلوبها في القرآن أسمى درجة وأفصح بيانا، كما جاء في سورة يوسف: " نحن نقصّ عليك أحسن القصص" صدق الله العظيم.

كانت هذه محاولة لتحديد المنهاج والأسس العملية التي ينبغي أن تُبنى عليها كتب محو الأمية، وذلك بغية الحد من الأخذ بأسلوب الاجتهاد الشخصي من طرف المؤلفين أثناء وضع هذه الكتب، وللوصول إلى قواعد تسدّ احتياجات الدارسين الكبار معرفيا ومهنيا وحياتيّا، ولأجل تحررهم من الجهل والاعتماد على الغير.

                                                                               تمّ بحمد الله.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة