الشراكات بين المغرب والمنظمات الدولية في مجال محاربة الأمية.
تجسيدا للتوجه المتعدد الأبعاد و العملي للإستراتيجية الوطنية في مجال محاربة الأمية، عمل المغرب على إبرام مجموعة من الاتفاقيات الدولية في السنوات العشر الأخير، مع عدة شركاء تقنيين وماليين دوليين، وذلك لأجل دعم مختلف برامج ومشاريع محو الأمية بالمملكة المغربية، ويتعلق الأمر بشراكات مع الاتحاد الأوروبي ومع اليونسكو، وأيضا مع المعهد الدولي للكونفدرالية الألمانية لتعليم الكبار أو (DVV international)، إضافة إلى التعاون الإسباني والبرامج المشتركة مع هيئة تحدي الألفية الأمريكية ومع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
يقوم هذا التعاون على توسيع مجال الشراكة والتعاون مع الفاعلين على المستوى الوطني، سواء تعلق الأمر بالمؤسسات الحكومية أو منظمات المجتمع المدني، كما توصلت الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية إلى إبرام العشرات من اتفاقيات شراكة وتعاون جديدة مع قطاعات عمومية ومع مجالس منتخبة وجامعات، إضافة إلى اتفاقيات مع القطاع الخاص، لتمكينهم من الاستفادة من الدعم المالي واللوجستي الذي يقدمه الشركاء والمانحين الدوليين. وفيما يلي أهم اتفاقيات الشراكة.
* اتفاقيات التعاون مع الاتحاد الأوروبي.
منذ عام منذ عام 2005، استفاد المغرب من دعم مالي وتقني من الاتحاد الأوروبي وذلك في إطار سياسة الجوار الأوروبية، وذلك بهدف مواكبة الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الأمية، من خلال دعمه لمشروع خارطة الطريق 2014 – 2020. والمساهمة في تحقيق الأهداف المسطرة التالية:
- تخفيض نسبة الأمية بالنسبة للفئات والجهات المستهدفة.
- تعزيز قدرات الفاعلين في مجال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية.
- دعم قدرات المنظمات غير الحكومية وتمكينها من إنجاز البرامج المهيكلة.
- تجويد الوسائل الديداكتيكية وتوسيع الشراكات مع جمعيات المجتمع المدني.
- تحسين نوعية التعلم والرفع من جودة المؤطرين و المشرفين على برامج ما بعد محو الأمية.
- تحسين حكامة منظومة محو الأمية والإدماج السوسيو مهني للمستفيدين خاصة الشباب.
- إرساء نظام إقرار التعلمات أو الإشهاد الذي هو بمثابة المصادقة على مكتسبات المستفيدين من برامج محو الأمية.
لقد شملت هذه الاتفاقيات مجالات متنوعة عبر عدة برامج نذكر منها (برنامج ألفا) رقم 1 ورقم 2 ورقم 3، والذي استمر لمدة 15 سنة في أفق ربط برامج محو الأمية بسياسة الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للفئات المستهدفة، إضافة إلى تجويد نظام التتبع والمراقبة.
أولا: برنامج ألفا (ALPHA) رقم 1 (2008-2005) ، ويقدر الغلاف المالي 27 مليون يورو. ينقسم هذا البرنامج إلى قسمين حيث خصص القسم الأول لدعم ميزانية قطاع محاربة الأمية، فيما خصص القسم الثاني للمساعدة التقنية من خلال تقوية القدرات التقنية للوكالة وإنجاز دراسات لفائدة هذا القطاع.
ثانيا: برنامج ألفا رقم 2 (2017-2013) أو "ألفا نور"، و قدره الإجمالي 35 مليون يورو، خصص هذا البرنامج لدعم وتقوية القدرات التقنية والبشرية وتأهيل الأطر العاملة في مجال محاربة الأمية، وأيضا إنجاز تطبيق (ألفا نور) للتكوين عن بعد والخاص بدعم برامج محو الأمية لفائدة المتحررين من الأمية، عن طريق إنشاء نظام معلوماتي كفيل بتنمية قدرات ومهارات الصناع التقليديين في مجالات القراءة والكتابة والحساب، بحكم أن غالبية المستفيدين لا يستطيعون المتابعة الفعلية لدروس محو الأمية الوظيفي، وذلك انشغالاتهم المهنية.
جدير بالذكر أنه يمكن تحميل هذه الدعامة الجديدة عبر خدمة "غوغل بلاي"، وذلك باستعمال الحواسب والهواتف الذكية، ويتضمن هذا التطبيق العديد من النصوص وكذلك الفيديوهات والأنشطة والرسوم المتحركة و التمارين، كما يمكن للمستفيدين استخدام هذا التطبيق وتحميله بدون ربط الهواتف أو الحواسيب بالشبكة الوطنية للاتصالات.
ثالثا: برنامج ألفا 3 (2022-2018)، حيث يبلغ الدعم المالي الخاص بهذه النسخة 50 مليون يورو، وجهت أساسا لتثمين عمل الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بتعاون مع الاتحاد الأوروبي على مدار 15 سنة، والذي مكّن البرنامج الوطني لمحو الأمية من إعداد خارطة الطريق 2017- 2021، وذلك لرفع عدد المستفيدين إلى مليون و300 ألف سنويا، وبالتالي تحقيق الأهداف المتعلقة بالمؤشرات الإحدى العشرة المبرمجة في هذا البرنامج.
* اتفاقيات مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
وفي هذا الصدد، أطلق معهد اليونسكو للتعلم مدى الحياة (UIL) ومكتب اليونسكو لدى الدول المغاربية بالرباط، بتعاون مع الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية وبدعم من شركة هواوي (HUAWEI)، مبادرة وطنية لتعزيز جودة برامج محاربة الأمية من خلال الاستخدام الفعال للمهارات الرقمية لتدريس هذه البرامج، اعتبارا لكون المملكة المغربية، عضوا نشيطا في التحالف العالمي لمحو الأمية مدى الحياة .(GAL)
ويأتي هذا المشروع في إطار تنفيذ الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، والذي يرتكز على تعزيز قدرة بلادنا على تحسين وتجويد برامج التطوير المهني لمكوني برامج محاربة الأمية، بواسطة دمج تكنولوجيا المعلوميات والتواصل في مناهج التدريس، وذلك من خلال إطلاق ورشات عمل خلال سنة 2024 والتي أطرها مجموعة من الخبراء والتربويين والأكاديميين لتفعيل مجموعة من وحدات التكوين لفائدة مكوني أو منشطي برامج محاربة الأمية والعمل على تكييفها مع السياق المغربي.
وللرفع من مستوى التكوين، تم إحداث معهد للتكوين في مجال مهن محاربة الأمية (IFMA) أي (Institut de Formation aux Métiers d’Alphabétisation، وهو ثمرة شراكة بين الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية و اليونسكو والاتحاد الأوروبي والذي هو عبارة عن منصة للتكوين المختلط أو ما يسمى (Hybride)، لتعزيز كفاءات ومهارات وقدرات كل العاملين في برامج محاربة الأمية، عن طريق تكوين 17 ألفا من المكوّنين، إضافة إلى أزيد من ستّة آلاف من مؤطري البرامج ومدبّري مشاريع محو الأمية.
وجدير بالذكر، أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) منحت المغرب جائزة "كونفوشيوس" بميزة الشرف برسم سنة 2012 لمديرية محاربة الأمية التابعة لوزارة التربية الوطنية، اعترافا بما تم إنجازه على مستوى برامج محو الأمية وما بعد محو الأمية.
* اتفاقيات التعاون مع الكونفدرالية الألمانية لتعليم الكبار (DVV International .
لقد تم الاشتغال مع منظمة (DVV International) في إطار خطط العمل لسنتي 2017 و2018 والمنبثقة عن الاتفاقية الإطار التي تم التوقيع عليها بين الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بالمنظمة الألمانية، والموقعة بتاريخ يوم 20 دجنبر 2016، لأجل دعم الوكالة لإرساء منظومة التكوين وإعادة التكوين للعاملين في مهن محاربة الأمية، بتنظيم دورات تكوينية حول مواضيع مختلفة كهندسة التكوين والتدريب على مقاربة (Reflect).
ولأجل الاستفادة من الآفاق التي يفتحها العالم الرقمي، وبوابات التواصل الاجتماعي في مجال التكوين والتكوين عن بعد. أطلقت الوكالة برنامجين لدعم القرائية عن بعد، بواسطة تحميل تطبيق مجاني على الهاتف، لمتابعة دروس محو الأمية بالنسبة للصناع التقليديين.
كما قامت الوكالة مؤخرا، بدعم من المعهد الدولي للكونفدرالية الألمانية بتطوير التطبيق الإلكتروني "ألفا تأهيل" والذي يحتوي على برنامج ما بعد محو الأمية وذلك لأجل:
1) تشجيع المتعلمين والمتحررين على التعلّم الذاتي باستخدام تقنيات التواصل عن بعد للحفاظ على مكتسباته، والحفاظ على استقلاليته، دون الالتزام بالوقت و بالغلاف الزمني، مع إمكانية ضبط سرعة التعلّم ومراجعة الدروس السابقة، حسب القدرة الذهنية لكل متعلم ومتعلمة.
2) دعم وترسيخ مبدأ التعلّم مدى الحياة.
3) تخفيض نسبة المرتدّين إلى الأمية أو المنقطعين عن الدراسة، باستخدام الحل الرقمي والتطبيق المحمول، إلى جانب كتب المتابعة المخصصة لمرحلة ما بعد محو الأمية.
4) استهداف النساء والفتيات اللواتي يعشن في المناطق القروية البعيدة عن مراكز محو الأمية، أو لديهن أسباب تحول دون الاستمرار في متابعة الدروس، أو مساعدتهن على استدراك الدروس السابقة.
* اتفاقيات التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي . (PNUD)
ينصب مجال التعاون بين الوكالة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تنفيذ خطة العمل في مجال تنظيم دورات تكوينية لفائدة منشطي برامج محاربة الأمية داخل المؤسسات السجنية، وذلك في إطار دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتنفيذ استراتيجية المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
* اتفاقيات التعاون مع إسبانيا.
تزايدت أشكال الشراكة والتعاون الدولي من خلال مواصلة إبرام اتفاقيات الشراكة، ففي إطار التدبير المفوض من الاتحاد الأوروبي للوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية (AECID)، تم إبرام اتفاق بين الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية والوكالة الإسبانية، وذلك من أجل إنجاز برنامج لمحو أمية المهاجرين الأفارقة في وضعية قانونية بالمغرب، وأيضا برنامج لمحو الأمية عن بعد لفائدة المغاربة المقيمين خارج أرض الوطن.
* اتفاقيات التعاون مع الإيسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة).
تساهم هذه المنظمة عبر أشكال متنوعة في دعم مشاريع وبرامج محاربة الأمية بالمغرب، من أهمها تخصيص جوائز سنوية قيمة للمشاريع والبرامج الناجحة التي تنفذها جمعيات المجتمع المدني في الدول الأعضاء بالمنطقة العربية والمنطقة الإفريقية والمنطقة الآسيوية.
وبالمناسبة، فقد خصصت هذه المنظمة جائزتها لمحو الأمية لسنة 2014 للدول الأعضاء في المنطقة العربية، وكان للمملكة المغربية شرف نيل هذه الجائزة التي كانت من نصيب النسيج الجمعوي للتنمية والديمقراطية بزاكورة، (جنوب شرق المملكة المغربية)، تقديرا لجهود الجمعيات العاملة في مجال التربية والتكوين والتعليم الأساسي ومحو الأمية وما بعد محو الأمية، وكذلك أيضا برامج التربية غير النظامية التي هي بمثابة الفرصة الثانية الممنوحة للمنقطعين عن الدراسة في إقليم زاكورة.
لقد حقق هذا النسيج الجمعوي الذي يعمل في إطار التشبيك بين مختلف أصناف جمعيات المجتمع المدني، حقق نتائج متميزة في المنطقة، من حيث عدد المستفيدين من برامج محو الأمية، ومستوى الشراكة والتعاون الواسع بين عدد كبير من الجمعيات المهتمة بمجالات عديدة منها، التعليم والبيئة والحرف التقليدية، إدماج المتعلمين مهنيا واجتماعيا وثقافيا، وذلك لتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة.
ومن بين وجوه الشراكة مع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، تنظيم ورشة بمدينة الخميسات المغربية، في فبراير 2020، حول إعداد المخطط التنفيذي لمشروع يسمى "إدماج بُعد حقوق الإنسان في برامج محاربة الأمية"، وذلك في إطار تنفيذ الشراكة المبرمة بين وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان والوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بالمملكة المغربية ومكتب اليونسكو في الرباط.
لقد تمحورت أشغال هذه الورشة حول إعداد برنامج عمل لمشروع إدماج المقاربة الحقوقية في برامج محاربة الأمية ومخططه التنفيذي، بغية مواصلة تنويع وتوسيع العرض التربوي في هذا المجال، وتمكين الفاعلين الميدانيين من آليات إدماج المقاربة الحقوقية في برامج محو الأمية، وذلك عبر تعزيز المقررات والمناهج وفق مقاربة حقوقية، مع استثمار تقنيات المعلومات والتواصل وشبكات التواصل الاجتماعي في النهوض بثقافة حقوق الإنسان.
* اتفاقيات التعاون مع مؤسسة تحدي الألفية (MCC).
انطلق التعاون مع هذه المؤسسة الأمريكية مع مديرية محاربة الأمية سابقا، وذلك بعد التوقيع على " الميثاق الأول " لحساب تحدي الألفية سنة 2007، واستمر هذا التعاون بالتوقيع على " الميثاق الثاني " بين الحكومة المغربية ممثلة ب الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية ونظيرتها الأمريكية ممثلة بـ " هيئة تحدي الألفية "، وذلك لإنجاز عدة مشاريع منها، الاشتغال على تطوير تطبيق معلوماتي خاص بالبحارة، وذلك بتنسيق وتعاون مع قطاع الصيد البحري، إضافة إلى تطبيق معلوماتي آخر لفائدة الفلاحين في إطار عملية تمليك الأراضي الجماعية بمناطق الغرب والحوز، والذي يتم تطويره بدعم وتنسيق مع وكالة حساب تحدي الألفية.
ومن جهة أخرى، تم إعداد البرنامج التلفزي "أجي نتعلموا" في مجال محاربة الأمية، بدعم من المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، والذي تم بثه على القناة الثقافية بتنسيق مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.
لقد تزايدت أشكال الشراكة والتعاون الدولي لدعم برامج محاربة الأمية، وذلك من خلال مواصلة إبرام اتفاقيات الشراكة على الصعيد الدولي والوطني للمساهمة في تنزيل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الأمية، وبلوغ الأهداف المسطرة في مجال تعليم الكبار والتعليم مدى الحياة ومحاربة الأمية عن بعد، وأيضا إدماج التعليم الإلكتروني الرقمي في منظومة محو الأمية.
إرسال تعليق